(وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ أَوْ فِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ. قَالَ: فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَ الْأَوَّلَ
بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ فَيَظْهَرُ فِي الْمُتَّصِلِ لَا الْمُنْفَصِلِ ثُمَّ (يَتَصَدَّقُ) هَذَا الْمُشْتَرِي (بِمَا زَادَ) مِنْ أَرْشِ الْيَدِ (عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ) لِأَنَّهُ أَيْ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ (لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ) لَمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْيَدَ مِنْ الْآدَمِيَّ نِصْفَهُ وَاَلَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ هُوَ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ، فَمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ يَكُونُ رَبِحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهَذَا لِأَنَّ أَرْشَ يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَالْحُرُّ نِصْفُ دِيَتِهِ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ فَلَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالثَّمَنِ لَا بِالْقِيمَةِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ (فِيهِ شُبْهَةَ عَدَمِ الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْأَرْشِ يَثْبُتُ يَوْمَ الْقَطْعِ مُسْتَنِدًا إلَى يَوْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ.
وَأُورِدَ عَلَيْهِ لَوْ وَجَبَ التَّصَدُّقُ لِشُبْهَةِ عَدَمِ الْمِلْكِ فِي الزَّوَائِدِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْكُلِّ، لِأَنَّ فِي الْكُلِّ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ لِعَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي بَيَانِ شُبْهَةِ عَدَمِ الْمِلْكِ فِي الزَّوَائِدِ. وَلَوْ قِيلَ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ إنَّمَا تُؤْثِرُ الْمَنْعَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا بِانْفِرَادِهِ دُفِعَ بِأَنَّ كَوْنَهُ لَمْ يَضْمَنْ يَسْتَقِلُّ بِالْمَنْعِ اتِّفَاقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ شُبْهَةِ عَدَمِ الْمِلْكِ إذْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا.
وَوَزَّعَ فِي الْكَافِي الْوَجْهَيْنِ فَقَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مَقْبُوضًا وَأَخَذَ الْأَرْشَ يَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ رِبْحٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّ الْعَبْدَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ، وَلَوْ كَانَ أَخَذَ الْأَرْشَ بَعْد الْقَبْضِ فَفِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ أَيْ الْمِلْكُ حَقِيقَةً وَقْتَ الْقَطْعِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِيهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَكَانَ ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَعْتَقَ الْعَبْدَ ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى بَيْعَ الْغَاصِبِ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَبْدِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذِهِ أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ هُوَ (حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ) يَعْنِي كَوْنُ الْأَرْشِ لِلْمُشْتَرِي حُجَّةً عَلَى مُحَمَّدٍ فِي عَدَمِ تَجْوِيزِهِ إعْتَاقَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ إعْتَاقٌ فِي مِلْكٍ مَوْقُوفٍ، وَهَذَا اسْتِحْقَاقُ أَرْشٍ مَمْلُوكٍ بِمِلْكٍ مَوْقُوفٍ (وَالْعُذْرُ لَهُ) أَيْ جَوَابُهُ بِالْفَرْقِ (بِأَنَّ الْمِلْكَ مِنْ وَجْهٍ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الْأَرْشِ كَالْمُكَاتَبِ) إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ عَجَزَ فَ (رُدَّ فِي الرِّقِّ فَإِ) نَّ (الْأَرْشَ لِلْمَوْلَى) مَعَ أَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ حَالَ الْكِتَابَةِ مِنْ وَجْهٍ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَكَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ أَجَازَ) الْبَائِعُ (الْبَيْعَ) يَكُونُ (الْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَا مَرَّ) حَيْثُ لَا يَكْفِي فِيهِ إلَّا الْمِلْكُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَالثَّالِثُ مِنْ الْفُرُوعِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَ الْأَوَّلَ) أَيْ بَيْعَ الْغَاصِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute