للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذْ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ الْبَدَلِ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَتْلِ حَتَّى يُعَدَّ بَاقِيًا بِبَقَاءِ الْبَدَلِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَتْلِ مِلْكًا يُقَابَلُ بِالْبَدَلِ فَتَحَقَّقَ الْفَوَاتُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَابِتٌ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الْبَدَلِ لَهُ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ قَائِمًا بِقِيَامِ خَلَفِهِ.

قَالَ (وَمَنْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ وَأَرَادَ رَدَّ الْمَبِيعِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ) لِلتَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى، إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الشِّرَاءِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِصِحَّتِهِ، وَالْبَيِّنَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى (وَإِنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي)

شَرْطِهَا قِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَاتَ) وَهَذَا فِي الْمَوْتِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ فَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرْ إيجَابَ الْبَدَلِ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَتْلِ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَاقِيًا بِبَقَاءِ بَدَلِهِ فَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ إذَا قُتِلَ فِيهِ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفَسِخُ كَمَا يَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ، بَلْ يَجْعَلُ قِيَامَ بَدَلِهِ كَقِيَامِهِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَخْتَارَ الْبَيْعَ فَيَدْفَعَ الثَّمَنَ وَيَرْجِعَ بِبَدَلِ الْعَبْدِ عَلَى قَاتِلِهِ، وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَهُ فَيَصِيرَ إلَى الْبَائِعِ فَدَارَ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ حَالَ الْقَتْلِ مِلْكًا يُقَابَلُ بِالْبَدَلِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ مَوْقُوفٌ، وَالْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ لَا يُقَابَلُ بِالْبَدَلِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) قَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَإِنْ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلَيْسَ مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، بَلْ صُورَتُهَا: بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ مِنْ رَجُلٍ فَأَقَامَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ مَالِكُهُ بِبَيْعِهِ أَوْ أَقَامَ عَلَى قَوْلِ رَبِّ الْعَبْدِ ذَلِكَ وَأَرَادَ بِذَلِكَ رَدَّ الْعَبَدِ فَإِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ عَلَى الدَّعْوَى، إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الشِّرَاءِ دَلِيلُ دَعْوَاهُ صِحَّتُهُ، وَأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَدَعْوَاهُ إقْرَارُهُ بِعَدَمِ الْأَمْرِ يُنَاقِضُهُ، إذْ هُوَ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ يُبْنَى عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى فَحَيْثُ لَمْ تَصِحَّ لَمْ تُقْبَلْ؛ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بَلْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِبَيْعِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَمَرَك أَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْأَمْرِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْأَمْرَ لِأَنَّ الْآخَرَ مُنَاقِضٌ، إذْ إقْدَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ دَلِيلُ اعْتِرَافِهِ بِالصِّحَّةِ وَقَدْ نَاقَضَ بِدَعْوَاهُ عَدَمَ الْأَمْرِ، بِخِلَافِ الْآخَرِ، وَلِذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ لَا الْبَاطِلَةِ.

ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ عِنْدَ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَيْثُ يَحْكُمُ بِالْبُطْلَانِ، وَالرَّدِّ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَلِذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالشَّيْءِ بَعْدَ إنْكَارِهِ إيَّاهُ، إلَّا أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ: يَعْنِي إنَّمَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً، فَإِذَا وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عَلَيْهِمَا فَلِذَا شَرَطَ طَلَبَ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَكُونَ نَقْضًا بِاتِّفَاقِهِمَا لَا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْبَائِعِ، وَالْمُرَادُ بِفَسْخِ الْقَاضِي أَنَّهُ يُمْضِي إقْرَارَهُمَا لَا أَنَّ الْفَسْخَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَفُرُوعِهَا أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ إذَا حَضَرَ وَصَدَّقَهُمَا نَفَذَ الْفَسْخُ فِي حَقِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>