فِي يَدِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ أَنْ لَا يَكُونُ الْعَيْنُ سَالِمًا لِلْمُشْتَرِي.
إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي دَعْوَاهُ، لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَبِصِحَّةِ الْبَيْعِ، وَبِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ نَاقَضَ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ مَعَ أَنَّهُ مُنَاقِضٌ سَاعٍ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ.
وَالثَّانِيَةُ مَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا وُهِبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْوَاهِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْجَارِيَةِ وَالْعُقْرِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ مُنَاقِضٌ سَاعٍ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ وَفَرَّقَ أَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْوَاهِبِ فَالْفَرْقُ أَنَّ تَنَاقُضَهُ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْحُرِّيَّةِ كَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ، وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى. وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ إنَّمَا قُبِلَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُمَا مِمَّا قَدْ يَخْفَى عَلَى الْمُتَنَاقِضِ الْمُدَّعِي بِهَا بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَالْفَاعِلِ بِنَفْسِهِ لِلتَّدْبِيرِ مَثَلًا، وَالِاسْتِيلَادُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِعْلُ نَفْسِهِ مِنْ اسْتِيلَادِهِ وَوَطْئِهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ تَنَاقُضُهُ وَلَا يُحْكَمَ بِبَيِّنَتِهِ.
وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ فَبِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ الْغَائِبِ قُبِلَ الْبَيْعُ مِنْهُ فَقَدْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكُ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إقْرَارٌ مِنْ الْبَائِعِ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي. ثُمَّ مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْقَاقِ لَوْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ قُبِلَتْ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِإِقْرَارِهِ، وَهُوَ خَصْمٌ فِي ذَلِكَ وَيَثْبُتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَهُوَ إقْرَارُ الْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ مُنَاقِضًا فَالتَّنَاقُضُ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ وَهُوَ يُثْبِتُ بِهَذَا تَصْدِيقَ الْخَصْمِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تُقْبَلَ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ وَلَا تُقْبَلُ عَلَى نَفْسِ الْحَقِّ، كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَنْ فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ فَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ الْوُصُولَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْغَائِبِ. وَلَوْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوُصُولَ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ.
وَفَرْقٌ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ، كَمَا لَا تُقْبَلُ عَلَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِأَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ سَالِمٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، وَسَلَامَةُ الْمَبِيعِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ فَلَا يَكُونُ مُدَّعِيًا حَقَّ الرُّجُوعِ.
وَفِي الزِّيَادَاتِ: وَضَعَ فِيمَا إذَا أَخَذَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَكَانَ مُدَّعِيًا لِنَفْسِهِ حَقَّ الرُّجُوعِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَمَعَ هَذَا قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ. لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَخَذَ الْعَبْدُ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا هُوَ فَرْقُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَنْظُورٌ فِيهِ بِأَنَّ وَضْعَ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْجَارِيَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَسْمَعْتُك، فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْجَامِعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ، أَمَّا إذَا أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ فَتُقْبَلُ لِأَنَّ إقْدَامَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ يُنَاقِضُ دَعْوَاهُ إقْرَارَ الْبَائِعِ بِعَدَمِ الْأَمْرِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَلَا يُنَاقِضُ دَعْوَاهُ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْبَيْعِ.
قَالَ: وَمَسْأَلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute