. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الزِّيَادَاتِ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذَا أَيْضًا فَتَقَعُ الْغُنْيَةُ عَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى.
وَقِيلَ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ تُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ وَالزِّيَادَاتِ عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يَلْزَمْ التَّنَاقُضُ فَقُبِلَتْ. وَمِمَّا يُنَاسِبُ الْمَسْأَلَةَ: بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ مَوْلَاهُ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ وَرِثَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ: تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ. وَمِنْ فُرُوعِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ مَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَاضِي سَلْ الْبَائِعَ أَنَّ الْأَمَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَوْ لَيْسَتْ لَهُ؟ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّهُ مَظْلُومٌ وَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ بِإِقْرَارِهِ، فَيَسْأَلُهُ الْقَاضِي فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ أَلْزَمَهُ الثَّمَنَ، وَإِنْ أَنْكَرَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي تَحْلِيفَهُ أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ.
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّمَا يُحَلِّفُهُ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْنَى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ، فَإِذَا جَحَدَ يَسْتَحْلِفُ كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى، فَإِنَّهُ قِيلَ نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ مُنَاقِضٌ لِأَنَّ شِرَاءَهُ إقْرَارٌ مِنْهُ بِصِحَّتِهِ وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ إنْكَارُ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَكَمَا لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ لَا يُسْتَحْلَفُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ. دَلَّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمَأْذُونِ: اشْتَرَى عَبْدٌ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ أَنَا مَحْجُورٌ وَقَالَ الْبَائِعُ مَأْذُونٌ فَأَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى لَا تُقْبَلُ وَلَا يَسْتَحْلِفُ خَصْمَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ يَلْزَمُهُ.
وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْبَائِعِ أَنَّك مَا بِعْته مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ أَنْ تَبِيعَهُ مِنِّي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ يَلْزَمُهُ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُنَاقِضٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ لَا يُنْكِرُ الْعَقْدَ أَصْلًا وَلَا الثَّمَنَ، فَإِنَّ بَيْعَ مَالِ الْغَيْرِ مُنْعَقِدٌ وَبَدَلُ الْمُسْتَحِقِّ مَمْلُوكٌ، وَإِنَّمَا يُنْكِرُ وَصْفَ الْعَقْدِ وَهُوَ اللُّزُومُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَكَانَ مُتَنَاقِضًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، فَجَعَلْنَاهُ مُنَاقِضًا فِي حَقِّ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ نَجْعَلْهُ مُنَاقِضًا فِي حَقِّ الْيَمِينِ لِيَكُونَ عَمَلًا بِهِمَا، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، فَلَوْ لَمْ نَجْعَلْهُ مُنَاقِضًا فِي حَقِّهَا يَلْزَمُنَا أَنْ لَا نَجْعَلَهُ مُنَاقِضًا فِي حَقِّ الْيَمِينِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُنْكِرٌ لِحُكْمِ الْعَقْدِ أَصْلًا، لِأَنَّ شِرَاءَ الْمَحْجُورِ لَا يُوجِبُ مِلْكَ الثَّمَنِ فَكَانَ مُنَاقِضًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَبِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ لِأَنَّ ثَمَّةَ الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ الْمُوَافَقَةِ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْفَرْقِ قَالَ: وَلَوْ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْجَارِيَةُ وَلَكِنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ وَقَضَى الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ.
أَمَّا حُرِّيَّةُ الْجَارِيَةِ فَلِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَصَحَّ إقْرَارُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ نُكُولَهُ وَإِقْرَارَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ. مِنْهُمْ مَنْ قَالَ قَوْلُهُ فَاسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لَا يَجْرِي فِي دَعْوَى الرِّقِّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَعِنْدَهُمَا يَجْرِي إلَّا أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى الْأَمَةِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَأَبَى الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ الْأَمَةُ وَسُلِبَتْ فَانْقَادَتْ لِذَلِكَ فَانْقِيَادُهَا كَإِقْرَارِهَا بِالرِّقِّ فَدَعْوَاهَا الْحُرِّيَّةَ كَدَعْوَى الْعِتْقِ الْعَارِضِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ، فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهَا حُرَّةٌ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ. فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنَاقِضٍ فِي فَصْلِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ فِيهَا يَظْهَرُ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ أَخَذَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَنْفِي انْعِقَادَ الْعَقْدِ وَمِلْكَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ، فَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ مُظْهِرَةً أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ.
أَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْعَقْدِ وَلَا مِلْكَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، فَلَوْ قَبِلْنَا بَيِّنَةَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يَظْهَرُ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ، وَمَعَ بَقَاءِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ وَيَصِيرُ مُكَذِّبًا شُهُودَهُ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ مُنَاقِضٌ فِي الْفَصْلَيْنِ، إلَّا