وَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْإِجَابَةِ (وَلَا يَدْعُو بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ) تَحَرُّزًا عَنْ الْفَسَادِ، وَلِهَذَا يَأْتِي بِالْمَأْثُورِ الْمَحْفُوظِ، وَمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ يُشْبِهُ كَلَامَهُمْ وَمَا يَسْتَحِيلُ كَقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُهُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ هُوَ الصَّحِيحُ لِاسْتِعْمَالِهِ فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ، يُقَالُ رَزَقَ الْأَمِيرُ الْجَيْشَ
(ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ) لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ
لِنَفْسِهِ بِمَا شَاءَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَانِعٌ وَذَلِكَ مُبِيحٌ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ مُقَابِلِهِ، وَقَدْ رُجِّحَ عَدَمُ الْفَسَادِ لِأَنَّ الرَّازِقَ فِي الْحَقِيقَةِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَنِسْبَتُهُ إلَى الْأَمِيرِ مَجَازٌ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ اُرْزُقْنِي فُلَانَةَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَفْسُدُ، أَوْ اُرْزُقْنِي الْحَجَّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ، وَفِيهَا اُكْسُنِي ثَوْبًا، الْعَنْ فُلَانًا، اقْضِ دُيُونِي، اغْفِرْ لِعَمِّي وَخَالِي تَفْسُدُ.
وَلَوْ قَالَ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ لَا تَفْسُدُ، وَاغْفِرْ لِي وَلِأَخِي قَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَفْسُدُ، وَابْنُ الْفَضْلِ تَفْسُدُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَارْزُقْنِي رُؤْيَتَك لَا تَفْسُدُ.
(قَوْلُهُ لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁) الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَقْرَبُ الْأَلْفَاظِ إلَى لَفْظِ الْمُصَنَّفِ النَّسَائِيّ «كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ، وَعَنْ يَسَارِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ الْأَيْسَرِ» وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ أَرْجَحُ مِمَّا أَخَذَ بِهِ مَالِكٌ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ يَمِيلُ إلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ» لِتَقَدُّمِ الرِّجَالِ خَلْفَ الْإِمَامِ دُونَ النِّسَاءِ، فَالْحَالُ أَكْشَفُ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَخْفَضُ مِنْ الْأُولَى فَلَعَلَّهَا خَفِيَتْ عَمَّنْ كَانَ بَعِيدًا، وَلَوْ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ أَوَّلًا يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يُعِيدُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute