للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوُجُوبَ، إلَّا أَنَّا أَثْبَتْنَا الْوُجُوبَ بِمَا رَوَاهُ احْتِيَاطًا، وَبِمِثْلِهِ لَا تَثْبُتُ الْفَرْضِيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[فتح القدير]

أَمْلَاكٍ عَلَى كُلِّ ابْنِ آدَمَ يَتَدَاوَلُونَ، مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ عَلَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ سِوَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ، فَهَؤُلَاءِ عِشْرُونَ مَلَكًا عَلَى كُلِّ آدَمِيٍّ وَإِبْلِيسُ مَعَ ابْنِ آدَمَ بِالنَّهَارِ وَوَلَدُهُ بِاللَّيْلِ» (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّا أَثْبَتْنَا الْوُجُوبَ بِمَا رَوَاهُ) فَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمْ تَثْبُتْ لَمْ يَلْزَمْنَا الْإِخْلَالُ بِمَا رَوَاهُ بَلْ عَمِلْنَا بِمُقْتَضَاهُ إذْ لَا يَقْتَضِي غَيْرَ مُجَرَّدِ التَّأْثِيمِ بِالتَّرْكِ وَهُوَ الْوُجُوبُ، وَمَعْنَى الِافْتِرَاضِ الَّذِي قَالُوا فَلَا خِلَافَ إذًا فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ بَلْ فِي لُزُومِ الْفَسَادِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَمْ يُقْطَعْ بِلُزُومِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي بَحْثِ الْفَاتِحَةِ فَارْجِعْ إلَيْهِ.

[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَةِ]

(فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَةِ) خُصَّ هَذَا الرُّكْنُ بِفَصْلٍ دُونَ سَائِرِ الْأَرْكَانِ لِكَثْرَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ.

وَفِي النَّوَازِلِ: رَجُلٌ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَنَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ نَائِمٌ يَجُوزُ عَنْ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ النَّائِمَ كَالْمُنْتَبِهِ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْمُصَلِّي بِالْحَدِيثِ وَبِهِ فَارَقَ الطَّلَاقَ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ لَوْ صَلَّيَا كَانَتْ صَلَاتُهُمَا جَائِزَةً وَلَوْ طَلَّقَا لَمْ يَجُزْ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْجِيسِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ شَرْطُ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ وَلَمْ يُوجَدْ انْتَهَى.

وَالْأَوْجَهُ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ، وَالِاخْتِيَارُ الْمَشْرُوطُ قَدْ وُجِدَ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ وَهُوَ كَافٍ، أَلَا يَرَى لَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ ذَاهِلًا عَنْ فِعْلِهِ كُلَّ الذُّهُولِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَسْأَلَةُ الْكَثِيرَةُ الشُّعَبِ مَسْأَلَةُ زَلَّةِ الْقَارِئِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهَا مُهِمَّةٌ جِدًّا فَلْنُورِدْهَا.

وَخَطَأُ الْقَارِئِ إمَّا فِي الْإِعْرَابِ أَوْ فِي الْحُرُوفِ أَوْ فِي الْكَلِمَاتِ أَوْ الْآيَاتِ، وَفِي الْحُرُوفِ إمَّا بِوَضْعِ حَرْفٍ مَكَانَ آخَرَ أَوْ تَقْدِيمِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ نَقْصِهِ، أَمَّا الْإِعْرَابُ فَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْ الْمَعْنَى لَا تَفْسُدُ لِأَنَّ تَغْيِيرَهُ خَطَأٌ لَا يُسْتَطَاعُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَيُعْذَرُ، وَإِنْ غَيَّرَ فَاحِشًا مِمَّا اعْتِقَادُهُ كُفْرٌ مِثْلُ الْبَارِئُ الْمُصَوَّرُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] بِرَفْعِ الْجَلَالَةِ وَنَصْبِ الْعُلَمَاءِ فَسَدَتْ فِي قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ.

وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَقَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيّ وَالْهِنْدُوانِيُّ وَابْنُ الْفَضْلِ وَالْحَلْوَانِيُّ لَا تَفْسُدُ، وَمَا قَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ أَحْوَطُ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ يَكُونُ كُفْرًا، وَمَا يَكُونُ كُفْرًا لَا يَكُونُ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَكُونُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ النَّاسِ الْكُفَّارِ غَلَطًا وَهُوَ مُفْسِدٌ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِ النَّاسِ سَاهِيًا مِمَّا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَكَيْفَ وَهُوَ كُفْرٌ، وَقَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَوْسَعُ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الْإِعْرَابِ، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ الْإِعْرَابَ عُرِفَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ، وَيَتَّصِلُ بِهَذَا تَخْفِيفُ الْمُشَدَّدِ، عَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>