وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ نَهَى عَنْ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ» وَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَجْنَاسِهِ حَتَّى الْعَصَافِيرُ.
وَالْإِرْسَالِ مِنْ الثِّقَاتِ وَالْحُكْمُ فِيهِ لِلْوَصْلِ كَمَا عُرِفَ، وَقَدْ تَأَيَّدَ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ بِأَحَادِيثَ مِنْ طُرُقٍ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سُمْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً» وَقَوْلُ الْبَيْهَقِيّ: أَكْثَرُ الْحُفَّاظِ لَا يُثْبِتُونَ سَمَاعَ الْحَسَنِ مِنْ سُمْرَةَ مُعَارَضٌ بِتَصْحِيحِ التِّرْمِذِيِّ لَهُ، فَإِنَّهُ فَرَّعَ الْقَوْلَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ مَعَ أَنَّ الْإِرْسَالَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ لَا يَقْدَحُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ شَاهِدًا مُقَوِّيًا فَلَا يَضُرُّهُ الْإِرْسَالُ.
وَأَيْضًا اُعْتُضِدَ بِالْوُصُولِ السَّابِقِ أَوْ الْمُرْسَلِ الَّذِي يَرْوِيهِ مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الْآخَرِ، وَحَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الْحَيَوَانُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ لَا يَصْلُحُ نَسَاءٌ، وَلَا بَأْسَ بِهِ يَدًا بِيَدٍ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ كَأَنَّهُ لِلْخِلَافِ فِي الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ.
وَحَدِيثٌ آخَرَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ سَوَاءٌ، وَقَوْلُ الْبُخَارِيِّ مُرْسَلٌ وَجَوَابُهُ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا وَتَضْعِيفُ ابْنِ مَعِينٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ لَا يَضُرُّ لِذَلِكَ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبِي خَبَّابٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَبِيعُ الْفَرَسَ بِالْأَفْرَاسِ وَالنَّجِيبَةَ بِالْإِبِلِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» وَحَمَلَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى كَوْنِ النَّهْيِ فِيمَا إذَا كَانَ النَّسَاءُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى يَكُونَ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ تَقْيِيدًا لِلْأَعَمِّ فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ بِلَا مُوجِبٍ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ ﵀ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ» هُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَوْنِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الذِّمَارِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ ابْن عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ السَّلَفِ فِي الْحَيَوَانِ» وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
وَتَضْعِيفُ ابْنِ مَعِينٍ بْن جَوْنِي فِيهِ نَظَرٌ بَعْد تَعَدُّدِ مَا ذَكَرَ مِنْ الطُّرُقِ الصَّحِيحَةِ وَالْحِسَانِ مِمَّا هُوَ بِمَعْنَاهُ يَرْفَعُهُ إلَى الْحُجِّيَّةِ بِمَعْنَاهُ لِمَا عُرِفَ فِي فَنِّ الْحَدِيثِ، وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُرَجَّحَ عَلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ إنْ صَحَّ لِأَنَّهُ أَقْوَى سَنَدًا: أَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ حِبَّانَ، وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُرَجَّحُ عَلَى الْمُبِيحِ.
وَفِي الْبَابِ أَثَرُ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute