(وَتَسْمِيَةُ الْمَكَانِ الَّذِي يُوفِيهِ فِيهِ إذَا كَانَ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ) وَقَالَا: لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَا إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَيُسَلِّمُهُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ، فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ. وَلَهُمَا فِي الْأُولَى أَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ وَالْأُجْرَةَ وَصَارَ كَالثَّوْبِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ رُبَّمَا يُوجَدُ بَعْضُهَا زُيُوفًا لَا يَسْتَبْدِلُ فِي الْمَجْلِسِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ لَا يَدْرِي فِي كَمْ بَقِيَ أَوْ رُبَّمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ، وَالْمَوْهُومُ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقِّقِ
فِيهِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الذُّرْعَانِ لِيُشْتَرَطَ إعْلَامُهُ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءُ فَجَهَالَةُ قَدْرِ الذُّرْعَانِ لَا تُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَهُنَا الْمُسْلَمُ فِيهِ بِمُقَابِلَةِ الْمُقَدَّرَاتِ فَيُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدَ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ اتِّفَاقًا فَصَارَتْ أَحَدَ عَشَرَ شَرْطًا.
وَالثَّانِي عَشَرَ تَسْمِيَةُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَهُوَ يَخُصُّ الْمُسْلَمَ فِيهِ. وَالثَّالِثُ عَشْرَ أَنَّ أَنْ لَا يَشْمَلَ الْبَدَلَيْنِ إحْدَى عِلَّتِي الرِّبَا لِأَنَّ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ. وَالرَّابِعُ عَشَرَ أَنْ يَتَعَيَّنَ الْمُسْلَمُ فِيهِ بِالتَّعْيِينِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ وَتَقَدَّمَ، فِي التِّبْرِ رِوَايَتَانِ.
وَالْخَامِسُ عَشَرَ انْعِقَادُ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، كَذَا ذُكِرَ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِهِ لِأَجْلِ إعْلَامِ قَدْرِهِ (وَ) السَّابِعُ (تَسْمِيَةُ الْمَكَانِ الَّذِي يُوفِيهِ فِيهِ إذَا كَانَ لِلْمُسَلَّمِ فِيهِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ) أَيْ إذَا كَانَ نَقْلُهُ يَحْتَاجُ إلَى أُجْرَةٍ وَنَحْوِهِ لِثِقَلِهِ (وَقَالَا: لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْمِيَةِ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا) يَقْبِضُهُ دُفْعَةً (وَلَا إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ وَيُسَلِّمُهُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ، فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ) خِلَافِيَّتَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا (لَهُمَا فِي الْأُولَى) وَبِقَوْلِهِمَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ إعْلَامِ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ التَّسْلِيمُ بِلَا مُنَازَعَةً (يَحْصُلُ بِالْإِشَارَةِ) إلَى الْعَيْنِ الثَّمَنُ الْمُعَجَّلُ فَأُغْنِي عَنْ إعْلَامِ قَدْرِهِ وَصَارَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُعَجَّلِ، وَالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ إذَا دَفَعَ إلَى آخَرَ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَكَرَأْسِ الْمَالِ الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَيْهِ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِيهِ إعْلَامُ كَمْيَّةِ ذُرْعَانِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَهُ.
مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ بِهِ، وَقَوْلُ الْفَقِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ. وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ بِجَامِعِ أَنَّهُ عِوَضٌ تَنَاوَلَهُ عَقْدُ السَّلَمِ، وَلِأَنَّ جَهَالَةَ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَانِعٌ اتِّفَاقًا وَجَهَالَةُ رَأْسِ الْمَالِ مُؤَدٍّ إلَيْهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute