قَالَ (وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ إلَّا بِسَبْعِ شَرَائِطَ: جِنْسٌ مَعْلُومٌ) كَقَوْلِنَا حِنْطَةٌ أَوْ شَعِيرٌ (وَنَوْعٌ مَعْلُومٌ) كَقَوْلِنَا سَقِيَّةٌ أَوْ بَخْسِيَّةٌ (وَصِفَةٌ مَعْلُومَةٌ) كَقَوْلِنَا جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ (وَمِقْدَارٌ مَعْلُومٌ) كَقَوْلِنَا كَذَا كَيْلًا بِمِكْيَالٍ مَعْرُوفٍ وَكَذَا وَزْنًا (وَأَجَلٌ مَعْلُومٌ) وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَيْنَا وَالْفِقْهُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا (وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ) كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ
السَّلَمُ، وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ انْقِطَاعُ حِنْطَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِثْلَ الثَّوْبِ جَازَ السَّلَمُ وَإِلَّا لَا، أَمَّا السَّلَمُ فِي الْحِنْطَةِ الصَّعِيدِيَّةِ وَالْعِرَاقِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ فَلَا شَكٌّ فِي جَوَازِهِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ حَدِيثَةٍ قَبْلَ حُدُوثِهَا فَالسَّلَمُ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ فِي الْحَالِ، وَكَوْنُهَا مَوْجُودَةٌ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ الْمَحِلِّ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ إلَّا بِسَبْعِ شَرَائِطَ) تُذْكَرُ فِي الْعَقْدِ.
وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَهِيَ الْخَمْسُ الْأُولَى. وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلسَّلَمِ شُرُوطًا غَيْرِهَا وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ ذِكْرُهَا فِي الْعَقْدِ بَلْ وُجُودُهَا. وَشَرَائِطُ جَمْعُ شَرِيطَةٌ، فَقَوْلُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ سَبْعٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ سَبْعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمَعْدُودِ شَرْطًا وَسَبْعٌ عَلَى تَقْدِيرِهَا شَرِيطَةٌ وَكُلٌّ وَارِدٌ عَلَى اعْتِبَارٍ خَاصٍّ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ النُّسَخِ لَيْسَ إلَّا الْمَشْهُورُ سَبْعُ شَرَائِطِ (جِنْسٌ مَعْلُومٌ كَحِنْطَةٍ شَعِيرٍ وَنَوْعٌ مَعْلُومٌ كَسَقِيَّةٍ) وَهِيَ مَا يُسْقَى سَيْحًا (أَوْ بَخْسِيَّةٍ) وَهِيَ مَا يُسْقَى بِالْمَطَرِ وَنَسَبَتْ إلَى الْبَخْسِ لِأَنَّهَا مَبْخُوسَةُ الْحَظِّ مِنْ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيْحِ غَالِبًا (وَصِفَةٌ مَعْلُومَةٌ كَجَيِّدٍ رَدِيءٍ) وَسَطٌ مُشْعِرٌ سَالِمٌ مِنْ الشَّعِيرِ (وَمِقْدَارٌ مَعْلُومٌ كَذَا كَيْلًا بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ) فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ بِالتَّفْصِيلِ، فَإِنَّ مَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مُسَلَّمًا فِيهِ يَجُوزُ كَوْنُهُ رَأْسَ السَّلَمِ وَلَا يَنْعَكِسُ، فَإِنَّ النُّقُودَ تَكُونُ رَأْسَ مَالٍ وَلَا سَلَمَ فِيهِ (وَ) الْخَامِسُ (أَجَلٌ مَعْلُومٌ) وَالْأَصْلُ فِيهِ: أَيْ فِي اشْتِرَاط هَذِهِ الْخَمْسَةِ مَا رَوَيْنَا: يَعْنِي قَوْلُهُ ﷺ «مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ» الْحَدِيثُ، نَصَّ عَلَى شَرْطَيِّ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ وَالْأَجَلِ الْمَعْلُومِ، وَثَبَتَ بَاقِي الْخَمْسَةِ بِالدَّلَالَةِ لِظُهُورِ إرَادَةِ الضَّبْطِ الْمُنَافِي لِلْمُنَازَعَةِ.
وَقَوْلُهُ (وَالْفِقْهُ فِيهِ مَا بَيَّنَّا) يَعْنِي قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ (وَ) السَّادِسُ (ذِكْرُ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى قَدْرِهِ) يَعْنِي تَنْقَسِمُ أَجْزَاءَ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ أَوْ الْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ، وَهَذَا الشَّرْطُ فِي قَدْرِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ ثَوْبًا لِأَنَّ الذِّرَاعَ وَصْفٌ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ، وَإِعْلَامُ الْوَصْفِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ أَحَدَ عَشَرَ تُسَلَّمُ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ وَجَدَهُ تِسْعَةٌ لَا يَحُطُّ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُسْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute