وَلِأَنَّهُ أَخَذَ شَبَهًا بِالْمَبِيعِ فَلَا يَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَبِيعًا لِسُقُوطِهِ فَجَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ مَبِيعًا لِأَنَّهُ دَيْنٌ مِثْلُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ،
حَدِيثَهُ فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَحَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ " إذَا أَسْلَفْت فِي شَيْءٍ فَلَا تَأْخُذْ إلَّا رَأْسَ مَالِكَ أَوْ الَّذِي أَسْلَفْتَ فِيهِ ". وَأَسْنَدَ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ نَحْوَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَقَوْلُهُ لَا تَأْخُذْ إلَّا سَلَمَك: يَعْنِي حَالَ قِيَامِ الْعَقْدِ أَوْ رَأْسَ مَالِكَ: أَيْ عِنْدَ الْفَسْخِ. فَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ كَالْمَبِيعِ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَهَذَا) أَيْ كَوْنُهُ أَخَذَ شَبَهًا بِالْمَبِيعِ (بِ) سَبَبِ (أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ) غَيْرِ الْمُتَعَاقِدِينَ وَالشَّرْعُ ثَالِثٌ، وَعَرَفَ أَنَّ صِحَّتهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قِيَامِ الْمَبِيعِ إلَى الْقَبْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ إقَالَةِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ هُنَا لِأَنَّ بِالْإِقَالَةِ يَسْقُطُ الْمَبِيعُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا عَيْنٌ فَيَتَلَاشَى فَلَا يَعُودُ لَكِنَّهَا قَدْ صَحَّتْ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ اعْتَبَرَ رَأْسَ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ ضَرُورَةً لِأَنَّهُ دَيْنٌ مِثْلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَعْلُ الدَّيْنَ مَبِيعًا لَيْسَ مُحَالًا.
وَأُورِدَ عَلَيْهِ: لَوْ كَانَتْ بَيْعًا جَدِيدًا لَكَانَتْ بَيْعُ سَلَمٍ لِأَنَّهَا إقَالَةُ بَيْعِ سَلَمٍ فَكَانَ يَلْزَمُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَلْزَمْ بِالْإِجْمَاعِ، فَأَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ (بِأَنَّهُ) يَعْنِي عَقْدَ الْإِقَالَةِ (لَيْسَ فِي حُكْمِ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ لُزُومَ قَبْضِهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِئَلَّا يَفْتَرِقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مِمَّا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ وَلَمْ يَجِبْ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْإِقَالَةِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ جَوَابِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا بِتَكَلُّفٍ يَسِيرٍ. وَحَاصِلُ جَوَابِ صَاحِبِ الْإِيضَاحِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ جُعِلَ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْقَبْضُ لَيْسَ شَرْطًا فِيهِ فَلَيْسَ شَرْطًا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute