للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى زَوَّجَهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ) لِوُجُودِ سَبَبِ الْوِلَايَةِ،

بِعَيْبٍ أَوْ تَقَايَلَا فَالْبَائِعُ يَرُدُّ الْأَلْفَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْخَمْسَمِائَةِ عَلَى الضَّامِنِ، وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَلَى الْخَمْسِمِائَةِ وَيُرَابِحُ عَلَى أَلْفٍ وَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ.

وَلَوْ تَقَايَلَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ أَوْ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَمْسَمِائَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا يَجُوزُ فَكَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ عَلَيْهِ. أَجَابَ الْكَرْخِيُّ بِمَنْعِ كَوْنِ الشِّرَاءِ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا يَجُوزُ إذْ لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَتَعَقَّبَهُ الرَّازِيّ بِأَنَّ مُحَمَّدًا نَصَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْبَائِعِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ كَوْنَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ إذَا كَانَ أَصْلُ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَجُوزَ وَلَكِنَّا تَرَكْنَاهُ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «فِي الَّذِي امْتَنَعَ النَّبِيُّ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَالْتَزَمَهُ أَبُو قَتَادَةَ فَصَلَّى عَلَيْهِ» فَقَدْ الْتَزَمَ دَيْنًا لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَحْصُلُ لِلْمُلْتَزِمِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي مُقَابَلَتِهَا شَيْءٌ.

وَدُفِعَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنَّظَرِ إلَى مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ لَزِمَ جَوَازُ اشْتِرَاطِ كُلِّ الثَّمَنِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. فَالْجَوَابُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَهَا شِبْهٌ بِبَدَلِ الْخُلْعِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ يُسَلَّمُ لِلْمُلْتَزِمِ وَبَدَلُ الْخُلْعِ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ كَمَا لَا تَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ تَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ، وَوُجُودُهَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ أَكْثَرُ أَحْوَالِ الْعَقْدِ، فَإِنَّ أَحْوَالَهُ ثَلَاثَةٌ: كَوْنُهُ خَاسِرًا، وَرَابِحًا، وَعَدْلًا. وَكَوْنُهَا لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فِي وَجْهٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ كَوْنُهُ رَابِحًا فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ بَلْ الْوَاجِبُ اعْتِبَارُ الْحَالِ الْأَغْلَبِيَّةِ فِي الْمُشَابَهَةِ خُصُوصًا إذَا كَانَ يُبْنَى عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فَالْأَوْلَى مَا قِيلَ: إنَّ الزِّيَادَةَ ثَبَتَتْ تَبَعًا فَجَازَ أَنْ تَثْبُتَ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ أَصْلِ الثَّمَنِ الثَّابِتِ مَقْصُودًا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ ثَمَنًا وَالْأَجْنَبِيُّ ضَامِنٌ لَهَا لَزِمَ جَوَازُ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي بِهَا كَالْكَفِيلِ.

قُلْنَا: لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْأَصِيلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفٌ وَأَنَا كَفِيلٌ بِهَا فَأَنْكَرَ فُلَانٌ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِهَا دُونَ فُلَانٍ فَجَازَ هُنَا كَذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَلْتَزِمْهَا إنَّمَا الْتَزَمَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَجْنَبِيُّ وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ بِلَا سَبَبٍ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى زَوَّجَهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ) وَوَطْءُ الزَّوْجِ قَبْضٌ مِنْ الْمُشْتَرِي خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِوُجُودِ سَبَبِ وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>