وَخَبَرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الدِّيَانَاتِ، وَقِيلَ يَصْلُحُ لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ كُلَّ الْجَهْدِ فِي إصَابَةِ الْحَقِّ حَذَارِ النِّسْبَةِ إلَى الْخَطَإِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالصَّحِيحُ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ شَرْطُ الْأَوْلَوِيَّةِ.
ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ لِلدِّينِ (وَقِيلَ يُسْتَفْتَى لِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ كُلَّ الْجَهْدِ حَذَارِ أَنْ يَنْسُبَهُ فُقَهَاءُ عَصْرِهِ إلَى الْخَطَإِ. وَأَمَّا الثَّانِي)
وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْوِلَايَةِ بَلْ لِلْأَوْلَوِيَّةِ).
(فَأَمَّا تَقْلِيدُ الْجَاهِلِ فَصَحِيحٌ عِنْدَنَا) وَيُحْكَمُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَوْلُهُمْ رِوَايَةٌ عَنْ عُلَمَائِنَا نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ، أَنَّ الْمُقَلَّدَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ خِلَافُهُ. قَالُوا: الْقَضَاءُ يَسْتَدْعِي الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَلَا قُدْرَةَ بِدُونِ الْعِلْمِ. قُلْنَا: يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ (وَمَقْصُودُ الْقَضَاءِ وَهُوَ إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ) وَرَفْعُ الظُّلْمِ (وَيَحْصُلُ بِهِ) فَاشْتِرَاطُهُ ضَائِعٌ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ لَيْسَ مَا يَقْطَعُ بِصَوَابِهِ بَلْ مَا يَظُنُّهُ الْمُجْتَهِدُ، فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ، وَإِذَا قَضَى بِقَبُولِ مُجْتَهِدٍ فِيهِ فَقَدْ قَضَى بِذَلِكَ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَكَوْنُ مُعَاذٍ قَالَ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي لَا يَلْزَمُهُ اشْتِرَاطُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ مُعَاذٌ الْإِجْمَاعَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي زَمَنِهِ ﷺ. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَيْضًا عَنْ الْغَزَالِيِّ تَوْجِيهَ خِلَافَهُ فَيُقَلَّدُ فِي هَذَا الزَّمَانِ. فِي بَعْضِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ: الِاسْتِدْلَال عَلَى تَقْلِيدِ الْمُقَلِّدِ بِتَقْلِيدِ النَّبِيِّ ﷺ عَلِيًّا الْيَمَنَ وَلَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ ﵊ دَعَا لَهُ بِأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ قَلْبَهُ وَيُثَبِّتَ لِسَانَهُ. فَإِنْ كَانَ بِهَذَا الدُّعَاءِ رُزِقَ أَهْلِيَّةَ الِاجْتِهَادِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِلَّا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ الْعِلْمُ وَالسَّدَادُ، وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ فِي غَيْرِهِ، وَسَنَذْكُرُ سَنَدَ حَدِيثِ عَلِيٍّ ﵁. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْقَاضِي ذُكِرَ فِي الْمُفْتِي فَلَا يُفْتِي إلَّا الْمُجْتَهِدُ، وَقَدْ اسْتَقَرَّ رَأْيُ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْمُفْتِيَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مِمَّنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ الْمُجْتَهِدِ فَلَيْسَ بِمُفْتٍ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ إذَا سُئِلَ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَ الْمُجْتَهِدِ كَأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى جِهَةِ الْحِكَايَةِ، فَعُرِفَ أَنَّ مَا يَكُونُ فِي زَمَانِنَا مِنْ فَتْوَى الْمَوْجُودِينَ لَيْسَ بِفَتْوَى، بَلْ هُوَ نَقْلُ كَلَامِ الْمُفْتِي لِيَأْخُذَ بِهِ الْمُسْتَفْتِي، وَطَرِيقُ نَقْلِهِ كَذَلِكَ عَنْ الْمُجْتَهِدِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ سَنَدٌ إلَيْهِ أَوْ يَأْخُذَهُ مِنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي، نَحْوُ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَنَحْوُهَا مِنْ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ لِلْمُجْتَهِدِينَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُمْ أَوْ الْمَشْهُورِ، وَشَهِدَ هَكَذَا ذِكْرُ الرَّازِيّ فَعَلَى هَذَا لَوْ وَجَدْنَا بَعْضَ نُسَخِ النَّوَادِرِ فِي زَمَانِنَا لَا يَحِلُّ عُزُوُّ مَا فِيهَا إلَى مُحَمَّدٍ وَلَا إلَى أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا لَمْ تُشْتَهَرْ فِي عَصْرِنَا فِي دِيَارِنَا وَلَمْ تُتَدَاوَلْ. نَعَمْ إذَا وُجِدَ النَّقْلُ عَنْ النَّوَادِرِ مَثَلًا فِي كِتَابٍ مَشْهُورٍ مَعْرُوفٍ كَالْهِدَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ كَانَ ذَلِكَ تَعْوِيلًا عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute