للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ثُمَّ يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ كَمَا يَجُوزُ مِنْ الْعَادِلِ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَقَلَّدُوهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَالْحَقُّ كَانَ بِيَدِ عَلِيٍّ فِي نَوْبَتِهِ، وَالتَّابِعِينَ تَقَلَّدُوهُ مِنْ الْحَجَّاجِ وَكَانَ جَائِرًا إلَّا إذَا كَانَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِحَقٍّ

قَوْلُهُ وَيَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْ السُّلْطَانِ الْجَائِرِ كَمَا يَجُوزُ مِنْ الْعَادِلِ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ تَقَلَّدُوهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَالْحَقُّ كَانَ بِيَدِ عَلِيٍّ فِي نَوْبَتِهِ، وَالتَّابِعِينَ تَقَلَّدُوا مِنْ الْحَجَّاجِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِجَوْرِ مُعَاوِيَةَ، وَالْمُرَادُ فِي خُرُوجِهِ لَا فِي أَقْضِيَتِهِ، ثُمَّ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْحَسَنِ لَهُ، وَأَمَّا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ فَلَا، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْعَامُ عَامَ الْجَمَاعَةِ، وَاسْتَقْضَى مُعَاوِيَةُ أَبَا الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ وَبِهَا مَاتَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ اسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يُوَلَّى بَعْدَهُ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ فَوَلَّاهُ الشَّامَ بَعْدَهُ. وَقَوْلُهُ فِي نَوْبَتِهِ: نَوْبَةُ عَلِيٍّ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هِيَ كَوْنُهُ رَابِعًا بَعْدَ عُثْمَانَ، وَقَيَّدَ بِنَوْبَتِهِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الرَّوَافِضِ إنَّهُ كَانَ أَحَقَّ بِهَا فِي سَائِرِ النُّوَبِ حَتَّى مِنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَإِنَّمَا كَانَ الْحَقُّ مَعَهُ فِي تِلْكَ النَّوْبَةِ لِصِحَّةِ بَيْعَتِهِ وَانْعِقَادِهَا فَكَانَ عَلَى الْحَقِّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْجَمَلِ وَقِتَالِ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ. «وَقَوْلُهُ لِعَمَّارٍ سَتَقْتُلُك الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» وَقَدْ قَتَلَهُ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ يُصَرِّحُ بِأَنَّهُمْ بُغَاةٌ، " وَلَقَدْ أَظْهَرَتْ عَائِشَةُ النَّدَمَ كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ قَالَ: قَالَتْ لِابْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا مَنَعَك أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟ قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا غَلَبَ عَلَيْك: يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ نَهَيْتنِي مَا خَرَجْت ". . وَأَمَّا الْحَجَّاجُ فَحَالُهُ مَعْرُوفٌ فِي تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ فَعَزَلَهُ الْحَجَّاجُ وَجَعَلَ أَخَاهُ مَكَانَهُ. وَأَسْنَدَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ ضَمْرَةَ قَالَ: اسْتَقْضَى الْحَجَّاجُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى وَأَجْلَسَ مَعَهُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، ثُمَّ قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَاتَ الْحَجَّاجُ بَعْدَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. . وَفِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ لِلْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الْأُمَوِيِّ: وَلِيَ الْقَضَاءَ بِأَصْبَهَانَ لِلْحَجَّاجِ ثُمَّ عَزَلَهُ الْحَجَّاجُ وَأَقَامَ مَحْبُوسًا بِوَاسِطَ، فَلَمَّا هَلَكَ الْحَجَّاجُ رَجَعَ إلَى أَصْبَهَانَ وَتُوُفِّيَ بِهَا.

وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ: طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ طَلْحَةُ النَّدَى ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ مِنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ يَرْوِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ .

وَقَوْلُهُ (إلَّا إذَا كَانَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْقَضَاءِ بِحَقٍّ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>