قَالَ (وَيَنْظُرُ فِي حَالِ الْمَحْبُوسِينَ) لِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا (فَمَنْ اعْتَرَفَ بِحَقٍّ أَلْزَمَهُ إيَّاهُ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُلْزِمٌ (وَمَنْ أَنْكَرَ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَ الْمَعْزُولِ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ بِالْعَزْلِ الْتَحَقَ بِالرَّعَايَا، وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ (فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعَجِّلْ بِتَخْلِيَتِهِ حَتَّى يُنَادَى عَلَيْهِ وَيَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ حَقٌّ ظَاهِرًا فَلَا يُعَجِّلُ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ.
وَالْحَوَانِيتُ مَحْدُودَةٌ.
(قَوْلُهُ وَيَنْظُرُ فِي حَالِ الْمَحْبُوسِينَ) فَيَبْعَثُ إلَى السِّجْنِ مَنْ يُحْصِيهِمْ وَيَأْتِيهِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَخْبَارِهِمْ وَيَسْأَلُ الْمَحْبُوسَ عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَاظِرٌ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَهَؤُلَاءِ مُسْلِمُونَ مَحْبُوسُونَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ سَبَبٌ يُوجِبُ حَبْسَهُمْ، وَثُبُوتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَيْسَ حُجَّةً يَعْتَمِدُهَا الثَّانِي فِي حَبْسِ هَؤُلَاءِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْقَ حُجَّةً (فَمَنْ اعْتَرَفَ بِحَقٍّ أَلْزَمَهُ إيَّاهُ) وَرَدَّهُ إلَى السِّجْنِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ السِّجْنِ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ مَالٌ، وَكَذَا مَنْ أَنْكَرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ وَالْقَاضِي يَعْرِفُ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَالَتَهُمْ أَخَذَ مِنْهُمْ كَفِيلًا وَأَطْلَقَهُمْ حَتَّى يَنْظُرَ فِي حَالِهِمْ، فَإِنْ ظَهَرَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ رَدَّهُ إلَى السِّجْنِ إذَا طَلَبَهُ الْخَصْمُ (وَلَوْ أَخْبَرَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ بِسَبَبِ حَبْسِهِمْ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ) بِوَاحِدٍ مِنْ (الرَّعَايَا وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَيْسَتْ حُجَّةً) مُوجِبَةً لِلْعَمَلِ (لَا سِيَّمَا) وَهِيَ (عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ كَمَا قَبْلَ الْعَزْلِ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَزْلِ أَيْضًا إلَّا بِحُجَّةٍ (وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْمَعْزُولِ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) بِمَا وَجَبَ حَبْسُهُ (لَا يُعَجِّلُ) بِإِطْلَاقِهِ (لِأَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي ظَاهِرًا) مَا كَانَ إلَّا (بِحَقٍّ) فَيُحْتَاطُ لِخَصْمِهِ الْغَائِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute