(وَيَنْظُرُ فِي الْوَدَائِعِ وَارْتِفَاعِ الْوُقُوفِ فَيَعْمَلُ فِيهِ عَلَى مَا تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ.
(وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمَعْزُولِ) لِمَا بَيَّنَّا (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ أَنَّ الْمَعْزُولَ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ فِيهَا) لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِلْقَاضِي فَيَصِحُّ إقْرَارُ الْقَاضِي كَأَنَّهُ فِي يَدِهِ فِي الْحَالِ، إلَّا إذَا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِتَسْلِيمِ الْقَاضِي فَيُسَلِّمُ مَا فِي يَدِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ لِسَبْقِ حَقِّهِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ الثَّانِي وَيُسَلَّمُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي.
فَيُنَادَى عَلَيْهِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَأْمُرَ كُلَّ يَوْمٍ إذَا جَلَسَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي مَحَلَّتِهِ مَنْ كَانَ يَطْلُبُ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْمَحْبُوسَ بِحَقٍّ فَلْيَأْتِ إلَى الْقَاضِي يَفْعَلُ ذَلِكَ أَيَّامًا، فَإِذَا حَضَرَ وَادَّعَى وَهُوَ عَلَى جُحُودِهِ ابْتَدَأَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ إذْ لَعَلَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقٍّ لِغَائِبٍ، وَأَمَارَتُهُ أَنَّهُ فِي حَبْسِ قَاضٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِحَقٍّ، فَإِنْ قَالَ لَا كَفِيلَ لِي وَأَبَى أَنْ يُعْطِيَ كَفِيلًا وَجَبَ أَنْ يَحْتَاطَ نَوْعًا آخَرَ مِنْ الِاحْتِيَاطِ فَيُنَادِيَ شَهْرًا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ أَطْلَقَهُ.
وَقِيلَ أَخْذُ الْكَفِيلِ هُنَا قَوْلُهُمَا. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا كَمَا قَالَ فِي أَصْحَابِ الْمِيرَاثِ إذَا اقْتَسَمُوا عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ أَخْذَ الْكَفِيلِ هُنَا اتِّفَاقٌ. وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَالَ ظَاهِرًا حَقٌّ لِهَذَا الْوَارِثِ، وَفِي ثُبُوتِ وَارِثٍ آخَرَ شَكٌّ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ حَقِّهِ إلَى زَمَانِ حُصُولِ الْكَفِيلِ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ، وَهُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ حَبْسَهُ بِحَقٍّ لِظُهُورِ أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي بِحَقٍّ وَلَكِنَّهُ مَجْهُولٌ، فَلَيْسَ أَخْذُ الْكَفِيلِ لِمَوْهُومٍ، وَلَوْ قِيلَ فَبِالنَّظَرِ إلَى هَذَا الظَّاهِرِ يَجِبُ أَنْ لَا يُطْلِقَهُ بِقَوْلِهِ إنِّي مَظْلُومٌ حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةٌ يُطْلَقُ فِيهَا مُدَّعِي الْإِعْسَارِ كَانَ جَيِّدًا.
(قَوْلُهُ وَيَنْظُرُ فِي الْوَدَائِعِ وَارْتِفَاعِ الْأَوْقَافِ) الْكَائِنَةِ تَحْتَ أَيْدِي أُمَنَاءِ الْقَاضِي، وَاَلَّذِي فِي دِيَارِنَا مِنْ هَذَا أَنَّ أَمْوَالَ الْأَوْقَافِ تَحْتَ أَيْدِي جَمَاعَةٍ يُوَلِّيهِمْ الْقَاضِي النَّظَرَ أَوْ الْمُبَاشَرَةَ فِيهَا وَوَدَائِعَ الْيَتَامَى تَحْتَ يَدِ الَّذِي يُسَمَّى أَمِينُ الْحُكْمِ (فَيَعْمَلُ) فِيهَا (عَلَى) حَسَبِ (مَا تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ) أَنَّهُ لِفُلَانٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ يَعْتَرِفُ) الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ.
(وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَعْزُولِ) عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ إذَا أَنْكَرَ وَقَالَ هِيَ لِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ (لِمَا بَيَّنَّاهُ) أَنَّهُ الْتَحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا، بِخِلَافِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ هُوَ الْمَخْصُوصُ بِأَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ فِي الْإِلْزَامِ حَتَّى إنَّ الْخَلِيفَةَ الَّذِي قَلَّدَ الْقَاضِيَ لَوْ أَخْبَرَ الْقَاضِيَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَهُ الشُّهُودُ بِكَذَا لَا يَقْضِي بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ الْخَلِيفَةُ مَعَ آخَرَ، وَالْوَاحِدُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الَّذِي فِي يَدِهِ أَنَّ) الْقَاضِيَ (الْمَعْزُولَ) سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ إمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute