وَالْمَسْأَلَتَانِ تُؤَدِّيَانِ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ، وَالتَّخْرِيجُ عَلَى مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَيْسَ بِدَيْنٍ مُطْلَقٍ بَلْ هُوَ صِلَةٌ حَتَّى تَسْقُطَ النَّفَقَةُ بِالْمَوْتِ عَلَى الِاتِّفَاقِ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ ضَمَانُ الْإِعْتَاقِ، ثُمَّ فِيمَا كَانَ الْقَوْلُ
وَالْمَسْأَلَتَانِ تُؤَيِّدَانِ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ) يَعْنِي قَوْلَ الْقَائِلِ الْقَوْلُ لِمَنْ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ الْقَوْلُ لِمَنْ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا بَدَلُهُ مَالٌ. أَمَّا تَأْيِيدُهُمَا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ الزَّوْجِ وَالْمُعْتِقِ، فَلَوْ كَانَ الصَّحِيحُ الْمَذْكُورَ أَوْ لَا، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ وَالشَّرِيكِ السَّاكِتِ فِي دَعْوَى الْيَسَارِ، وَأَمَّا تَأْيِيدُهُمَا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الْمَهْرِ وَبَدَلُ الْعِتْقِ مَالًا جُعِلَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْقَوْلَانِ الْأَخِيرَانِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَرْوَحَ فِي الْأَوَّلِ فَقَالَ: أَمَّا تَأْيِيدُهُمَا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ الْقَوْلُ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَظَاهِرٌ، وَذَكَرَ فِي الثَّانِي مَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُمَا يُبْطِلَانِ الْقَوْلَ الْمُفَصَّلَ فِي الْكِتَابِ بَيْنَ كَوْنِ الدَّيْنِ مُلْتَزَمًا بِمَالٍ أَوْ بِعَقْدٍ، فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ وَكَوْنُهُ بِخِلَافِهِمَا فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ، فَإِنَّ الْبَدَلَ فِيهِمَا مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ أَوْ شِبْهِهِ، وَهُوَ الْفِعْلُ الْحَسَنُ الْمَوْضُوعُ سَبَبًا: أَعْنِي الْعِتْقَ، وَيُؤَيِّدَانِ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَدْيُونِ إلَّا فِيمَا بَدَلُهُ مَالٌ فَإِنَّ الْبَدَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ مَالًا، وَيَجْعَلُ الْقَوْلَ لِلْمَدْيُونِ تَأَيُّدُ الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا بَدَلُهُ لَيْسَ بِمَالٍ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمَطْلُوبِ وَإِنْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ، ثُمَّ هَذِهِ الثَّانِيَةُ بِاعْتِبَارِ صِدْقِهَا مَعَ جُزْءِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ بِمُطَابَقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يُوهِمُ أَنَّهُ يُفِيدُ الشُّمُولَ وَإِلَّا فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ كَوْنِهِ الْقَوْلَ لِلْمَطْلُوبِ فِيمَا إذَا الْتَزَمَ بِعَقْدٍ وَالْبَدَلُ لَيْسَ بِمَالٍ كَوْنُ الْقَوْلِ لَهُ فِي جَمِيعِ الدُّيُونِ. فَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالدِّرَايَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ تَوْجِيهِ التَّأْيِيدِ فَكَانَ الصَّحِيحُ هُمَا الْقَوْلَانِ تَسَاهُلٌ ظَاهِرٌ. وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ، فَإِنَّ كَوْنَ الْقَوْلِ لِلْمَطْلُوبِ فِي الْكُلِّ إذَا كَانَ هُوَ الصَّحِيحَ لَا يَكُونُ الْمُفَصَّلُ بَيْنَ كَوْنِ بَدَلِ الدَّيْنِ مَالًا فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي، أَوْ غَيْرَ مَالٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ صَحِيحًا. فَاَلَّذِي لَا شُبْهَةَ فِيهِ إنَّمَا يُبْطِلَانِ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ غَيْرُ.
وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْإِبْطَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ وَضَمَانَ الْعِتْقِ لَيْسَ بِدَيْنٍ مُطْلَقٍ بَلْ هُوَ صِلَةٌ وَاجِبَةٌ وَلِذَا سَقَطَتْ النَّفَقَةُ بِالْمَوْتِ بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَا ضَمَانُ الْإِعْتَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَالتَّخْرِيجُ عَلَى مَا قَالَ فِي الْكِتَابِ إلَخْ) فَلَمْ يُرِدْ نَقْضًا فَيَرْجِعَ قَوْلُ الْكِتَابِ الْمُفَصَّلِ عَلَى قُوَّتِهِ وَثُبُوتِهِ (ثُمَّ فِيمَا) إذَا (كَانَ الْقَوْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute