للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ رُكْنٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، لَكِنَّ حَظَّ الْمُقْتَدِي الْإِنْصَاتُ وَالِاسْتِمَاعُ قَالَ «وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا» وَيُسْتَحْسَنُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فِيمَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَيُكْرَهُ عِنْدَهُمَا لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ

أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ لَا يُطْلِقُونَ الْحَرَامَ إلَّا عَلَى مَا حَرَّمْته بِقَطْعِيٍّ.

وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيّ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ سَمِعْته يَقُولُ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ : أَفِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ قَالَ نَعَمْ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: وَجَبَتْ هَذِهِ فَالْتَفَتَ إلَيَّ وَكُنْتُ أَقْرَبَ الْقَوْمِ مِنْهُ فَقَالَ: مَا أَرَى الْإِمَامَ إذَا أَمَّ الْقَوْمَ إلَّا قَدْ كَفَاهُمْ» فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ بَلْ مِنْ كَلَامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فَلَمْ يَكُنْ لِيَرْوِيَ عَنْ النَّبِيِّ «فِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ» ثُمَّ يَعْتَدُّ بِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ عَنْ الْمُقْتَدِي إلَّا لِعِلْمٍ عِنْدَهُ فِيهِ مِنْ النَّبِيِّ (قَوْلُهُ قَالَ «وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا») رَوَاهَا مُسْلِمٌ زِيَادَةً فِي حَدِيثِ «إذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَكَبِّرُوا» وَقَدْ ضَعَّفَهَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى ذَلِكَ بَعْدَ صِحَّةِ طَرِيقِهَا وَثِقَةِ رَاوِيهَا، وَهَذَا هُوَ الشَّاذُّ الْمَقْبُولُ، وَمِثْلُ هَذَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي حَدِيثِ «مَنْ كَانَ لَهُ إمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ» (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ فِيمَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ) تَقْتَضِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّهَا لَيْسَتْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ كَمَا قَالَ فِي الزَّكَاةِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَرْوِي عَنْهُ فِي دَيْنِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الذَّخِيرَةِ: وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا ذَكَرُوا أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يُكْرَهُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يُكْرَهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُكْرَهُ.

وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِمَا، فَإِنَّ عِبَارَاتِهِ فِي كُتُبِهِ مُصَرِّحَةٌ بِالتَّجَافِي عَنْ خِلَافِهِ، فَإِنَّهُ فِي كِتَابِ الْآثَارِ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدَمَا أَسْنَدَ إلَى عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ أَنَّهُ مَا قَرَأَ قَطُّ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَلَا فِيمَا لَا يُجْهَرُ فِيهِ، قَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ لَا نَرَى الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ يَجْهَرُ فِيهِ أَوْ لَا يَجْهَرُ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ فِي إسْنَادِ آثَارٍ أُخَرَ ثُمَّ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ.

وَفِي مُوَطَّئِهِ بَعْدَ أَنْ رَوَى فِي مَنْعِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ مَا رُوِيَ.

قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا قِرَاءَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِيمَا جَهَرَ وَفِيمَا لَمْ يَجْهَرْ فِيهِ. بِذَلِكَ جَاءَتْ عَامَّةُ الْأَخْبَارِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي عَدَمِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُوَ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ، وَلَيْسَ مُقْتَضَى أَقْوَاهُمَا الْقِرَاءَةَ بَلْ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>