الْمُؤْنَةِ، إذْ جِهَةُ الْمُؤْنَةِ رَاجِحَةٌ عِنْدَهُ، وَلَا تَدْخُلُ أَرْضُ الْخَرَاجِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ يَتَمَحَّضُ مُؤْنَةً.
وَلَوْ قَالَ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَقَدْ قِيلَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَالٍ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ لَفْظِ الْمَالِ. وَالْمُقَيَّدُ إيجَابُ الشَّرْعِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِلَفْظِ الْمَالِ فَلَا مُخَصِّصَ فِي لَفْظِ الْمِلْكِ فَبَقِيَ عَلَى الْعُمُومِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ بِاللَّفْظَيْنِ الْفَاضِلُ عَنْ الْحَاجَةِ عَلَى مَا مَرَّ،
وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إرْسَالِ لَفْظٍ عَامٍّ بِالْخُرُوجِ عَنْ كُلِّ مَالِهِ مَعَ قِيَامِ حَاجَتِهِ الْمُسْتَمِرَّةِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ عَدَمُ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهٍ يَدْخُلُ الضَّرَرُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، فَكَانَ ظَاهِرًا فِي إرَادَةِ الْخُصُوصِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ لُزُومِ الْمَعْصِيَةِ بِتَقْدِيرِ اعْتِبَارِ عُمُومٍ هُوَ أَيْضًا مِنْ إبْدَاءِ الْمُخَصِّصِ، وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِ تَرْكِ الْحَقِيقَةِ بِدَلَالَةٍ.
وَهَلْ تَدْخُلُ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ فَيَجِبُ التَّصَدُّقُ بِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَعَمْ لِأَنَّ جِهَةَ الصَّدَقَةِ غَالِبَةٌ فِي الْعُشْرِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا، لِأَنَّ جِهَةَ الْمُؤْنَةِ غَالِبَةٌ عِنْدَهُ، وَلَا تَدْخُلُ الْخَرَاجِيَّةُ اتِّفَاقًا لِتَمَحُّضِ الْخَرَاجِ مُؤْنَةً وَلِذَا وَجَبَ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْوَقْفِ (وَلَوْ) كَانَ (قَالَ مَا أَمْلِكُ صَدَقَةً قِيلَ يَجِبُ الْكُلُّ) لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ فِي الشَّرْعِ الْمَذْكُورُ بِلَفْظِ الْمَالِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ بِاللَّفْظَيْنِ الْفَاضِلُ عَنْ الْحَاجَةِ) وَهَذَا يُؤْذِنُك بِقَصْدِهِمْ إلَى التَّخْصِيصِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى بِقَلِيلِ تَأَمُّلٍ، وَكَانَ مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ فِي اللَّفْظَيْنِ أَنْ يَثْبُتَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي أَوْ جَمِيعَ مِلْكِي، إلَّا أَنَّ الطَّحَاوِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ الْكُلُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ بِهِ فَقَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ جَمِيعَ مَالِي حَيْثُ يَجِبُ الْكُلُّ بِلَا إشْكَالٍ لِأَنَّ عَقْدَ الْيَمِينِ لِمَنْعِ النَّفْسِ عَنْ الْمَذْكُورِ بِالْتِزَامِ مَا يَكْرَهُهُ عَلَى تَقْدِيرِهِ فَانْفَتَحَ بَابُ إرَادَةِ الْعُمُومِ، إلَّا أَنَّ هَذَا عَلَى جَعْلِ الْمُخَصِّصِ الْمَعْنَى الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا عَلَى جَعْلِهِ لُزُومَ الْمَعْصِيَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَخُصَّ أَيْضًا فَكَانَ تَعْوِيلُهُمْ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ (عَلَى مَا مَرَّ) يُرِيدُ وَجْهَ الِاسْتِحْسَانِ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute