فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَسْمَعُهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالِاشْتِهَارِ وَذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِيَحْصُلَ لَهُ نَوْعُ عِلْمٍ. وَقِيلَ فِي الْمَوْتِ يَكْتَفِي بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ قَلَّمَا يُشَاهِدُ غَيْرُ الْوَاحِدِ إذْ الْإِنْسَانُ يَهَابُهُ وَيَكْرَهُهُ فَيَكُونُ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ بَعْضُ الْحَرَجِ، وَلَا كَذَلِكَ النَّسَبُ وَالنِّكَاحُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ
فِي الدُّخُولِ: لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ الدُّخُولَ يُثْبِتَ الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ.
وَنَصَّ الْخَصَّافُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّسَامُعِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَشْتَهِرُ، بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ فَاحِشَةٌ تُسْتَرُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ) فَيَشْهَدَ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَمِيرٌ أَوْ قَاضٍ، أَمَّا إذَا فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ عَنْ تَسَامُعٍ بَيْنَ النَّاسِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِالْمِلْكِ لِمُعَايَنَةِ الْيَدِ حَلَّ لَهُ وَتُقْبَلُ، وَلَوْ فَسَّرَ فَقَالَ لِأَنِّي رَأَيْتهَا فِي يَدِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لَا تُقْبَلُ. وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ: شَهِدَا عَلَى النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ وَفَسَّرَا وَقَالَا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ. وَقِيلَ تُقْبَلُ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ: لَوْ قَالَا أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ مَنْ نَثِقُ بِهِ تُقْبَلُ وَجَعَلَهُ الْأَصَحَّ وَاخْتَارَهُ الْخَصَّافُ. وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ: لَوْ شَهِدَ عَلَى النِّكَاحِ فَسَأَلَهُمَا الْقَاضِي هَلْ كُنْتُمَا حَاضِرَيْنِ فَقَالَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُمَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ، وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ كَأَنَّهُمَا قَالَا لَمْ نُعَايِنْ. وَلَوْ شَهِدَا وَقَالَا سَمِعْنَا لَا تُقْبَلُ فَكَذَا هَذَا. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُمَا دَفَنَاهُ أَوْ قَالَا شَهِدْنَا جِنَازَتَهُ تُقْبَلُ.
وَلَوْ شَهِدَ بِالْمَوْتِ وَاحِدٌ وَآخَرُ بِالْحَيَاةِ تَأْخُذُ امْرَأَتُهُ بِشَهَادَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْعَارِضَ، ذَكَرَهُ رَشِيدُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ أَخْبَرَهَا وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ وَاثْنَانِ بِحَيَاتِهِ، إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ بِالْمَوْتِ عَدْلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute