للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ، إلَّا أَنَّا نَقُولُ الْوَلَاءُ يُبْتَنَى عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ فَكَذَا فِيمَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْوَقْفُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي أَصْلِهِ دُونَ شَرَائِطِهِ، لِأَنَّ أَصْلَهُ هُوَ الَّذِي يَشْتَهِرُ.

الْخَمْسَةِ يَنْفِي اعْتِبَارَ التَّسَامُعِ فِي الْوَلَاءِ وَالْوَقْفِ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِيهِمَا.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تَجُوزُ فِي الْوَلَاءِ بِالتَّسَامُعِ رَجَعَ إلَيْهِ، وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَسْمَعَا الْعِتْقَ. ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ تَجُوزُ لِقَوْلِهِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَفِي النَّسَبِ تَجُوزُ بِالتَّسَامُعِ، فَكَذَا فِي الْوَلَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّا نَشْهَدُ أَنَّ قَنْبَرًا مَوْلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَنَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَبِلَالًا مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ.

وَلَهُمَا أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى الْعِتْقِ، وَالْعِتْقُ لِقَوْلِهِ قَوْلًا يُسْمَعُ، وَكَثِيرًا مَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَكَذَا مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ، وَلَيْسَ تَجْوِيزُنَا بِالسَّمَاعِ لِكَوْنِ الشَّيْءِ مِمَّا يَشْتَهِرُ بَلْ لِلضَّرُورَةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ النَّسَبَ لَا يُرَى إذْ لَا يُرَى الْعُلُوقُ، وَكَذَا تَقْلِيدُ الْقَاضِي الْقَضَاءَ إلَّا الْخَوَاصُّ وَالْمَوْتُ وَالْبَاقِي فَيُؤَدِّي إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَا كَذَلِكَ الْعِتْقُ.

وَكَوْنُ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ وَنَحْوُهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ الْحَقِّ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنْ لَا خِلَافَ فِي الْعِتْقِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بِالتَّسَامُعِ، وَعَلَيْهِ نَصَّ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ. وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِي الْعِتْقِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجُوزُ بِالتَّسَامُعِ خِلَافًا لَهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ. وَشَرَطَ الْخَصَّافُ فِي الْوَلَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ شَرْطًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ فَقَالَ: إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْعِتْقُ مَشْهُورًا وَلِلْمُعْتِقِ أَبَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي الْإِسْلَامِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَأَمَّا الْوَقْفُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَيْهِ فِي أَصْلِهِ) وَقَالَ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِهِ: قَالَ مُحَمَّدٌ تَجُوزُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ أَصْلَهُ هُوَ الَّذِي يَشْتَهِرُ لَيْسَ بِذَاكَ، وَالْوَجْهُ فِي التَّوْجِيهِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا مِمَّا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَالْحُكْمُ بِهِ فِي الِابْتِدَاءِ لَكِنَّهُ فِي تَوَالِي الْأَعْصَارِ تَبِيدُ الشُّهُودُ وَالْأَوْرَاقُ مَعَ اشْتِهَارِ وَقْفِيَّتِهِ فَيَبْقَى فِي الْبَقَاءِ سَائِبَةٌ إنْ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ بِهِ بِالتَّسَامُعِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ فَالصَّحِيحُ إلَخْ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ طَائِفَةٍ مِنْ الْمَشَايِخِ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ. قَالَ بَعْضُهُمْ تَحِلُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَحِلُّ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ تَجُوزُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ لَا عَلَى شَرَائِطِهِ، وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَيْسَ مَعْنَى الشُّرُوطِ أَنْ يُبَيِّنَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ بَلْ أَنْ يَقُولَ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهَا بِكَذَا وَكَذَا وَالْبَاقِي كَذَا وَكَذَا.

وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ: إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى كَذَا وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْوَاقِفَ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ. وَنَصٌّ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ قَدِيمًا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>