قَالَ (وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ سِوَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَسِعَك أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ لَهُ) لِأَنَّ الْيَدَ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ إذْ هِيَ مَرْجِعُ الدَّلَالَةِ فِي الْأَسْبَابِ كُلِّهَا فَيَكْتَفِي بِهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ
الْوَاقِفِ، وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْجِهَةَ لَا تَجُوزُ وَلَا تُقْبَلُ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولُوا وَقْفٌ عَلَى كَذَا. ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذُكِرَ هُنَا.
وَفِي الْأَصْلِ صُورَتُهُ: أَنْ يَشْهَدُوا بِالتَّسَامُعِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِغَلَّتِهَا فَيُصْرَفُ إلَى كَذَا ثُمَّ مَا فَضُلَ يُصْرَفُ إلَى كَذَا لَا يُشْهَدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالتَّسَامُعِ، وَهَكَذَا قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْجِهَةِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
قَالَ: وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِمْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ بَعْدَ ذِكْرِ الْجِهَةِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ فَيُصْرَفُ إلَى كَذَا وَكَذَا، وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِ لَا تُقْبَلُ. ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى وَالْمُخْتَارِ أَنْ تُقْبَلَ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ أَيْضًا. وَأَنْتَ إذَا عَرَفْت قَوْلَهُمْ فِي الْأَوْقَافِ الَّتِي انْقَطَعَ ثُبُوتُهَا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا شَرَائِطُ وَمَصَارِفُ أَنَّهَا يَسْلُكُ بِهَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ لَمْ تَقِفْ عَنْ تَحْسِينِ مَا فِي الْمُجْتَبَى لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الثُّبُوتِ بِالتَّسَامُعِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ إلَخْ) صُورَتُهَا: رَأَى عَيْنًا سِوَى مَا اسْتَثْنَاهُ فِي يَدِ إنْسَانٍ ثُمَّ رَآهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمِلْكَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ الْمِلْكَ يُعْرَفُ بِالظَّاهِرِ وَالْيَدُ بِلَا مُنَازَعٍ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَلَا دَلِيلَ سِوَاهُ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يُعَايِنَ سَبَبُ الْمِلْكِ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ، وَشَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يُفِيدُ مِلْكَ الثَّانِي حَتَّى يَكُونَ مِلْكُ الْأَوَّلِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَلِّ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ. وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أُسْنِدَ هَذَا الْقَوْلُ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَفْظُهُ وَعَنْهُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَالُوا يَعْنِي الْمَشَايِخَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute