للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الرِّوَايَةِ فَيَكُونُ شَرْطًا عَلَى الِاتِّفَاقِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : دَلِيلُ الْمِلْكِ الْيَدُ مَعَ التَّصَرُّفِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لِأَنَّ الْيَدَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى إنَابَةٍ وَمِلْكٍ.

قُلْنَا: وَالتَّصَرُّفُ يَتَنَوَّعُ أَيْضًا إلَى نِيَابَةٍ وَأَصَالَةٍ. ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إنْ عَايَنَ الْمَالِكُ الْمِلْكَ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَكَذَا

يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الرِّوَايَةِ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْكُلِّ وَبِهِ نَأْخُذُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ: هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي حِلِّ الشَّهَادَةِ الْيَقِينُ لِمَا عُرِفَ، فَعِنْدَ تَعَذُّرِهِ يُصَارُ إلَى مَا يَشْهَدُ بِهِ الْقَلْبُ لِأَنَّ كَوْنَ الْيَدِ مُسَوِّغًا بِسَبَبِ إفَادَتِهَا ظَنَّ الْمِلْكِ، فَإِذَا لَمْ يَقَعْ فِي الْقَلْبِ ذَلِكَ لَا ظَنَّ فَلَمْ يُفِدْ مُجَرَّدَ الْيَدِ، وَلِهَذَا قَالُوا: إذَا رَأَى إنْسَانٌ دُرَّةً ثَمِينَةً فِي يَدِ كَنَّاسٍ أَوْ كِتَابًا فِي يَدِ جَاهِلٍ لَيْسَ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لَهُ فَعُرِفَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْيَدِ لَا يَكْفِي.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: دَلِيلُ الْمِلْكِ الْيَدُ مَعَ التَّصَرُّفِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَهُوَ الْخَصَّافُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، لِأَنَّ الْيَدَ تَتَنَوَّعُ إلَى مِلْكٍ وَنِيَابَةٍ وَضَمَانٍ.

قُلْنَا: وَكَذَا التَّصَرُّفُ أَيْضًا فَلَمْ يَزُلْ احْتِمَالُ عَدَمِ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ الشَّهَادَةَ حَتَّى لَوْ قَالَ إنَّهُ شَهِدَ بِنَاءً عَلَى الْيَدِ لَا تُقْبَلُ، وَهَذَا لِأَنَّ مُعَايَنَةَ الْيَدِ مُطْلِقٌ لِلشَّهَادَةِ مُجَوِّزٌ لَهَا لَا مُوجِبٌ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ وَالْقَاضِي يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ بِالشَّهَادَةِ، وَلِهَذَا قُلْنَا: إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بِالْعِمَارَةِ وَالْهَدْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَانِبِهَا فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ لَا يَقْضِي الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِ مِلْكُهُ لِأَنَّ الْعِيَانَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ بَلْ لِلْجَوَازِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَايَنَ الْمِلْكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يُعَايِنَ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ، وَهُوَ إنْ عَرَفَ الْمَالِكَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>