إذَا عَايَنَ الْمِلْكَ بِحُدُودِهِ دُونَ الْمَالِكِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَيَحْصُلُ مَعْرِفَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْهَا أَوْ عَايَنَ الْمَالِكَ دُونَ الْمِلْكِ لَا يَحِلُّ لَهُ.
وَوَجْهِهِ وَعَرَفَ الْمِلْكَ بِحُدُودِهِ وَرَآهُ فِي يَدِهِ بِلَا مُنَازَعٍ ثُمَّ رَآهُ فِي يَدِ آخَرَ فَجَاءَ الْأَوَّلُ وَادَّعَاهُ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِلْكِ الْمَمْلُوكُ.
الثَّانِي أَنْ يُعَايِنَ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ بِأَنْ عَايَنَ مِلْكًا بِحُدُودِهِ يُنْسَبُ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَنَسَبِهِ ثُمَّ جَاءَ الَّذِي نُسِبَ إلَيْهِ الْمِلْكُ وَادَّعَى مِلْكَ هَذَا الْمَحْدُودِ عَلَى شَخْصٍ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ تَمْنَعُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ، فَكَذَا فِي الْمَشْهُودِ لَهُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمِلْكَ الْمَشْهُودَ بِهِ مَعْلُومٌ وَالنَّسَبَ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَصَارَ الْمَالِكُ مَعْلُومًا بِالتَّسَامُعِ أَيْضًا. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ بِالتَّسَامُعِ. وَأُجِيبَ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ هُنَا لَيْسَتْ قَصْدًا بَلْ بِالنَّسَبِ وَفِي ضِمْنِهِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فَيَجُوزُ، وَهُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ هَذَا الْمِلْكَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَحَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِنَسَبِ الْمَالِكِ بِالتَّسَامُعِ وَثَبَتَ مُلْكُهُ فِي ضِمْنِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِالْمُتَضَمِّنِ لَا الْمُتَضَمَّنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُجَرَّدَ ثُبُوتِ نَسَبِهِ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَمْ يُوجِبْ ثُبُوتَ مِلْكِهِ لِتِلْكَ الضَّيْعَةِ لَوْلَا الشَّهَادَةُ بِهِ، وَكَذَا الْمَقْصُودُ لَيْسَ إثْبَاتُ النَّسَبِ بَلْ الْمِلْكِ فِي الضَّيْعَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَلَى هَذَا قَالَ النَّاضِحِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ امْرَأَةً لَا تَخْرُجُ وَلَا يَرَاهَا الرِّجَالُ، فَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ مَشْهُورًا أَنَّهُ لَهَا جَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ لِأَنَّ شُهْرَةَ الِاسْمِ كَالْمُعَايَنَةِ.
الثَّالِثُ أَنْ لَا يُعَايِنَ الْمِلْكَ وَلَا الْمَالِكَ بَلْ سَمِعَ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ ضَيْعَةً فِي قَرْيَةِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَهُوَ لَمْ يَعْرِفْ تِلْكَ الضَّيْعَةَ وَلَمْ يُعَايِنْ يَدَهُ عَلَيْهَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ مُجَازِفٌ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ.
الرَّابِعُ أَنْ يُعَايِنَ الْمَالِكَ بِأَنْ عَرَفَهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَا ذَكَرْنَا وَسَمِعَ أَنَّ لَهُ ضَيْعَةً فِي كُورَةِ كَذَا وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute