للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ وَلَا شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلَا الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَلَا الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَلَا الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَلَا الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ وَلَا الْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ» وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالْآبَاءِ مُتَّصِلَةٌ لِهَذَا لَا يَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ فَتَكُونُ شَهَادَةٌ

فَكَانَ رَدُّهَا مِنْ تَمَامِ شَهَادَتِهِ، وَبِالْإِسْلَامِ حَدَثَتْ لَهُ شَهَادَةٌ أُخْرَى بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أُعْتِقَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ شَهَادَةٌ إذْ ذَاكَ، فَلَزِمَ كَوْنُ تَتْمِيمِ حَدِّهِ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ لَهُ.

وَقَدْ طُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُحَدُّ حَيْثُ تَوَقَّفَ حُكْمُ الْمُوجِبِ فِي الْعَبْدِ إلَى أَنْ أَمْكَنَ وَلَمْ يَتَوَقَّفْ فِي الزِّنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَى الْإِمْكَانِ بِالْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الزِّنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ مُوجِبًا أَصْلًا لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْإِمَامِ، فَلَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ مُخَاطَبًا بِإِقَامَتِهِ أَصْلًا لِأَنَّ الْقُدْرَةَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ، فَلَوْ حَدَّهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ آخَرَ كَانَ بِلَا مُوجِبٍ، وَغَيْرُ الْمُوجِبِ لَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا بِنَفْسِهِ خُصُوصًا فِي الْحَدِّ الْمَطْلُوبِ دَرْؤُهُ. أَمَّا قَذْفُ الْعَبْدِ فَمُوجِبٌ حَالَ صُدُورِهِ لِلْحَدِّ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ تَمَامُهُ فِي الْحَالِ فَتَوَقَّفَ تَتْمِيمُهُ عَلَى حُدُوثِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فَرْقَ الْمُصَنِّفِ: هَذَا الْفَرْقُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا خَبَرُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ فِي الدِّيَانَاتِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْمُنْتَقَى أَنْ لَا تُقْبَلَ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَافِرَ بِالْإِسْلَامِ اسْتَفَادَ عَدَالَةً لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ، وَهَذِهِ الْعَدَالَةُ لَمْ تَصِرْ مَجْرُوحَةً بِإِقَامَةِ الْحَدِّ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ بِالْعِتْقِ لَا يَسْتَفِيدُ عَدَالَةً لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبْلُ وَقَدْ صَارَتْ عَدَالَتُهُ مَجْرُوحَةً بِإِقَامَةِ الْحَدِّ. ثُمَّ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْيِيدِ الْجَوَابِ فِي الْعَبْدِ بِكَوْنِ الْعِتْقِ بَعْدَ الْحَدِّ فِي قَوْلِهِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أُعْتِقَ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحَدَّ حَتَّى عَتَقَ فَحُدَّ لَا تُقْبَلُ أَيْضًا، وَلَكِنْ وَضَعَهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ سِيقَ لِبَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرُ لَوْ قَذَفَ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ حُدَّ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ، وَلَوْ حُدَّ بَعْضَ الْحَدِّ فِي حَالِ كُفْرِهِ وَبَعْضَهُ فِي حَالِ إسْلَامِهِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَمَرَّ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: لَا تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُقَامَ عَلَيْهِ تَمَامُ الْحَدِّ، تَسْقُطُ إذَا أُقِيمَ أَكْثَرُهُ، تَسْقُطُ إذَا ضُرِبَ سَوْطًا لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْحُكْمُ شَرْعًا بِكَذِبِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَةُ الْوَالِدِ) وَإِنْ عَلَا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ (وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِأَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ) أَمَّا الْوَلَدُ مِنْ الرَّضَاعِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لَهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ " لَا تُقْبَلُ " إلَخْ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ قَوْلِ شُرَيْحٍ قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَلَا الْأَبُ لِابْنِهِ، وَلَا الْمَرْأَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>