للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ.

(وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) لِأَنَّ لِلْكَافِرِ شَهَادَةٌ فَكَانَ رَدُّهَا مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ، وَبِالْإِسْلَامِ حَدَّثَتْ لَهُ شَهَادَةٌ أُخْرَى، بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ ثُمَّ أُعْتِقَ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا فَتَمَامُ حَدِّهِ يَرُدُّ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ.

يَسْمَعْ تِلْكَ الْآيَةَ سَمِعَ تِلْكَ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ تِلْكَ سَمِعَ أُخْرَى فَكَانَ فِي تَعْدَادِهِ إفَادَةُ هَذَا الْمَعْنَى نَصْبَ مَظِنَّةِ عِلْمِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ مَعَ تَأْكِيدِ جَانِبِ عَفْوِهِ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ تُبْ أَقْبَلْ شَهَادَتَك فَفِي ثُبُوتِهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ رَاوِيَهُ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، وَلَوْ تَرَكْنَا النَّظَرَ فِي ذَلِكَ كَانَ مُعَارَضًا بِمَا قَالَهُ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي كِتَابِهِ لَهُ: وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إلَّا مَجْلُودًا فِي قَذْفٍ، أَوْ مُجَرَّبًا فِي شَهَادَةِ زُورٍ، أَوْ ظَنِينًا بِقَرَابَةٍ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَوْلُهُ «الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إلَّا مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ» وَبِقَوْلِنَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَ الْمُصَنِّفُ (أَوْ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّائِبِينَ لَيْسُوا دَاخِلِينَ فِي الْفَاسِقِينَ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ لَكِنَّ الَّذِينَ تَابُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ: أَيْ يَغْفِرُ لَهُمْ وَيَرْحَمُهُمْ، وَإِذَا كَانَ الرَّدُّ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لِكَوْنِهِ مَانِعًا: أَيْ زَاجِرًا يَبْقَى بَعْدَ التَّوْبَةِ كَأَصْلِهِ: أَيْ كَأَصْلِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، فَكَذَا مَا كَانَ تَمَامًا لَهُ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ أَرْبَعَةً مِنْ الشُّهُودِ عَلَى صِدْقِهِ بَعْدَ الْحَدِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ لِلْكَافِرِ شَهَادَةً) فِي الْجُمْلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>