للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْخَصِيِّ) لِأَنَّ عُمَرَ قَبِلَ شَهَادَةَ عَلْقَمَةَ الْخَصِيِّ، وَلِأَنَّهُ قُطِعَ عُضْوٌ مِنْهُ ظُلْمًا فَصَارَ كَمَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ.

(وَوَلَدِ الزِّنَا) لِأَنَّ فِسْقَ الْأَبَوَيْنِ لَا يُوجِبُ فِسْقَ الْوَلَدِ كَكُفْرِهِمَا وَهُوَ مُسْلِمٌ. وَقَالَ مَالِكٌ : لَا تُقْبَلُ فِي الزِّنَا لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ كَمِثْلِهِ فَيُتَّهَمُ. قُلْنَا: الْعَدْلُ لَا يَخْتَارُ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِبُّهُ، وَالْكَلَامُ فِي الْعَدْلِ.

قَالَ (وَشَهَادَةُ الْخُنْثَى جَائِزَةٌ) لِأَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَشَهَادَةُ الْجِنْسَيْنِ مَقْبُولَةٌ بِالنَّصِّ.

(وَشَهَادَةُ الْعُمَّالِ جَائِزَةٌ) وَالْمُرَادُ عُمَّالُ السُّلْطَانِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، لِأَنَّ نَفْسَ الْعَمَلِ لَيْسَ بِفِسْقٍ إلَّا إذَا كَانُوا أَعْوَانًا عَلَى الظُّلْمِ.

نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ. قَالَ: وَتَجُوزُ صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ إلَّا إذَا تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ عَنْ السُّنَّةِ لَا خَوْفًا مِنْ الْهَلَاكِ، وَكُلُّ مَنْ يَرَاهُ وَاجِبًا يُبْطِلُ بِهِ شَهَادَتَهُ وَعِنْدَنَا هُوَ سُنَّةٌ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «الْخِتَانُ لِلرِّجَالِ سُنَّةٌ، وَلِلنِّسَاءِ مَكْرُمَةٌ» وَمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُهُ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ» إنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْمَجُوسِيَّ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ.

(قَوْلُهُ وَالْخَصِيُّ إذَا كَانَ عَدْلًا) لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لِأَنَّ حَاصِلَ أَمْرِهِ مَظْلُومٌ. نَعَمْ لَوْ كَانَ ارْتِضَاءً لِنَفْسِهِ وَفَعَلَهُ مُخْتَارًا مُنِعَ. وَقَدْ قَبِلَ عُمَرُ شَهَادَةَ عَلْقَمَةَ الْخَصِيِّ عَلَى قُدَامَةَ بْنِ مَظْعُونٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ أَنَّ الْجَارُودَ شَهِدَ عَلَى قُدَامَةَ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَقَالَ عُمَرُ : هَلْ مَعَكَ شَاهِدٌ آخَرُ؟ قَالَ لَا، قَالَ عُمَرُ: يَا جَارُودُ مَا أَرَاك إلَّا مَجْلُودًا، قَالَ: يَشْرَبُ خَتْنُكَ الْخَمْرَ وَأُجْلَدُ أَنَا، فَقَالَ عَلْقَمَةُ الْخَصِيُّ لِعُمَرَ: أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْخَصِيِّ؟ قَالَ: وَمَا بَالُ الْخَصِيِّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ قَالَ: فَإِنَى أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْته يَتَقَيَّؤُهَا، فَقَالَ عُمَرُ: مَا قَاءَهَا حَتَّى شَرِبَهَا، فَأَقَامَهُ ثُمَّ جَلَدَهُ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مُطَوَّلًا.

(قَوْلُهُ وَوَلَدِ الزِّنَا) أَيْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ، إذْ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وَعَنْ مَالِكٍ : لَا تُقْبَلُ فِي الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْكِتَابِ.

(وَشَهَادَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ جَائِزَةٌ) إذَا شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، فَلَوْ شَهِدَ مَعَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُقْبَلُ، إلَّا إذَا زَالَ الْإِشْكَالُ بِظُهُورِ مَا يَحْكُمُ بِهِ بِأَنَّهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ.

(قَوْلُهُ وَشَهَادَةُ الْعُمَّالِ جَائِزَةٌ) وَالْمُرَادُ عُمَّالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>