وَلِأَنَّ فِي التَّقَدُّمِ زِيَادَةَ الْكَشْفِ.
(وَمَنْ صَلَّى مَعَ وَاحِدٍ أَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ) لِحَدِيثِ «ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، فَإِنَّهُ
رَآهُمَا فَلْيَجِئْ بِهِمَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَصُلِبَا فَكَانَا أَوَّلَ مَصْلُوبَيْنِ بِالْمَدِينَةِ». ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جَمِيعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلَّادٍ عَنْهَا. وَفِيهِ: «وَكَانَ ﷺ يَزُورُهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا». قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَأَنَا رَأَيْت مُؤَذِّنَهَا شَيْخًا كَبِيرًا، كُلُّهَا يَنْفِي ثُبُوتَ النَّسْخِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيعٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ فِيهِمَا ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُعْرَفُ حَالُهُمَا انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَهُمَا ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَدْ يُجَابُ بِجَوَازِ كَوْنِهِ إخْبَارًا عَنْ مُوَاظَبَةٍ كَانَتْ قَبْلَ النَّسْخِ. وَقَوْلُهُ كَانَتْ تَؤُمُّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّرَاوِيحَ. وَقَوْلُهُ جَعَلَ لَهُ مُؤَذِّنًا وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِمْرَارَ إمَامَتِهَا إلَى وَفَاتِهِ ﷺ. وَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: تَؤُمُّ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ تَقُومُ وَسَطَهُنَّ: لَا يَقْتَضِي عِلْمُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِبَقَاءِ شَرْعِيَّتِهَا لِجَوَازِ كَوْنِ الْمُرَادِ إفَادَةَ مَقَامِهَا بِتَقْدِيرِ ارْتِكَابهَا ذَلِكَ أَوْ خَفِيَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ النَّاسِخِ، وَلَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ بَعْدَ هَذَا فِي تَعْيِينِ النَّاسِخِ، إذْ لَا بُدَّ فِي ادِّعَاءِ النَّسْخِ مِنْهُ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي النَّسْخِ إلَّا مَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِنْ إمْكَانِ كَوْنِهِ مَا فِي أَبِي دَاوُد وَصَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ «صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا» يَعْنِي الْخِزَانَةَ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَيْتِ. وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْهُ ﷺ «إنَّ أَحَبَّ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ إلَى اللَّهِ فِي أَشَدِّ مَكَان فِي بَيْتِهَا ظُلْمَةً» وَفِي حَدِيثٍ لَهُ وَلِابْنِ حِبَّانَ «هُوَ أَقْرَبُ مَا تَكُون مِنْ وَجْهِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَخْدَعَ لَا يَسَعُ الْجَمَاعَةَ، وَكَذَا قَعْرُ بَيْتِهَا وَأَشَدُّهُ ظُلْمَةً. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَبِتَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ نَسْخَ السُّنِّيَّةِ، وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ فِي الْفِعْلِ بَلْ التَّنْزِيهَ وَمَرْجِعُهَا إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى، وَلَا عَلَيْنَا أَنْ نَذْهَبَ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ اتِّبَاعُ الْحَقِّ حَيْثُ كَانَ
(قَوْلُهُ لِحَدِيثِ «ابْنِ عَبَّاسٍ) قَالَ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute