﵊ صَلَّى بِهِ وَأَقَامَهُ عَنْ يَمِينِهِ» وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْإِمَامِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهُ يَضَعُ أَصَابِعَهُ عِنْدَ عَقِبِ الْإِمَامِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَوْ فِي يَسَارِهِ جَازَ وَهُوَ مُسِيءٌ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ (وَإِنْ أَمَّ اثْنَيْنِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ يَتَوَسَّطُهُمَا، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁
يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ مُطَوَّلًا، وَأَوْرَدَ كَيْفَ جَازَ النَّفَلُ بِجَمَاعَةٍ وَهُوَ بِدْعَةٌ. أُجِيبُ بِأَنَّ أَدَاءَهُ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ يَجُوزُ، عَلَى أَنَّا نَقُولُ: كَانَ التَّهَجُّدُ عَلَيْهِ ﷺ فَرْضًا فَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. هَذَا وَلَوْ أَوْرَدَ قِصَّةَ أَنَسٍ وَالْيَتِيمِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ «فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» ظَاهِرًا فِي مُحَاذَاةِ الْيَمِينِ دُونَ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهُ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَالْعَهْدُ بِهِ قَرِيبٌ لَمْ يَذْكُرْهُ ثَانِيًا لِدَفْعِ قَوْلِهِ وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُقَالُ هُوَ عَنْ يَمِينِهِ إلَّا بِنَوْعِ إرْسَالٍ كَمَا لَا يُقَالُ هُوَ خَلْفَهُ أَيْضًا بَلْ هُوَ مُتَأَخِّرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ جَازَ وَهُوَ مُسِيءٌ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْإِسَاءَةِ إذَا كَانَ خَلْفَهُ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَهُ، وَسَأَلَهُ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا لِأَحَدٍ أَنْ يُسَاوِيَك فِي الْمَوْقِفِ، فَدَعَا لَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ ﷺ وَكَانَ ذَلِكَ بِمُحَاذَاةِ الْيَمِينِ وَدُعَاؤُهُ لَهُ لِحُسْنِ تَأَدُّبِهِ لَا لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، ثُمَّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إنْ صَحَّتْ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْإِقَامَةَ عَنْ يَمِينِهِ ﷺ كَانَتْ بِمُحَاذَاةِ الْيَمِينِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ) فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: أُصَلِّي مِنْ خَلْفِكُمَا؟ قَالَا نَعَمْ، فَقَامَ بَيْنَهُمَا فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ رَكَعْنَا فَوَضَعْنَا أَيْدِينَا عَلَى رُكَبِنَا، ثُمَّ طَبَّقَ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ جَعَلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ». قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ الْوَقْفُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ الثَّابِتُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ فَعَلَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute