(وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا الْغَائِبَ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ بِالْكُوفَةِ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَوْ أَنْكَرَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) لِأَنَّ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَكِيلِ عَنْ الْغَائِبِ، فَلَوْ ثَبَتَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا وَهِيَ غَيْرُ مُوجِبَةٍ لِمَكَانِ التُّهْمَةِ.
وَفِي الصُّوَرِ كُلِّهَا ثُبُوتُ الْمَوْتِ شَرْطٌ لِأَنَّ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ نَصْبَ وَصِيٍّ قَبْلَ الْمَوْتِ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْغَرِيمَيْنِ الْمَدْيُونَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إثْبَاتِ الْوَصِيِّ الَّذِي شَهِدَا لَهُ ثُبُوتُ الْمَوْتِ لِأَنَّهُمَا مُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِثُبُوتِ حَقِّ قَبْضِ الدَّيْنِ لِهَذَا الرَّجُلِ فَضَرَرُهُمَا فِي ذَلِكَ أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهَا بِالْوَصِيَّةِ وَالْمَوْتِ جَمِيعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا الْغَائِبَ وَكَّلَ هَذَا الرَّجُلَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَهُوَ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَكِيلِ عَنْ الْغَائِبِ، فَلَوْ أَثْبَتَ الْقَاضِي وَكَالَتَهُ لَكَانَ مُثْبِتًا لَهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ لَا تُقْبَلُ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ فِيهَا عَلَى مَا عُرِفَ وَإِذَا تَحَقَّقْتَ مَا ذُكِرَ ظَهَرَ أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ ثَابِتٌ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا إذْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهَا شَيْءٌ وَإِنَّمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمَا نَصْبُ الْقَاضِي وَصِيًّا اخْتَارُوهُ، وَلَيْسَ هُنَا مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا يُصْرَفُ إلَيْهِ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ، وَلَوْ اُعْتُبِرَا فِي نَفْسِ إيصَاءِ الْقَاضِي إلَيْهِ فَالْقِيَاسُ لَا يَأْبَاهُ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ الْمَشَايِخِ فِيهَا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا.
وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَيْسَ إلَّا مُحَمَّدُ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵏ فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا لِرَجُلٍ أَنَّ أَبَاهُمَا أَوْصَى إلَيْهِ قَالَ: جَائِزٌ إنْ ادَّعَى ذَلِكَ، وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ أَبَاهُمَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ بِالْكُوفَةِ كَانَ بَاطِلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ الْقَاضِي لَا يَقْدِرُ عَلَى نَصْبِ وَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ، فَلَوْ نَصَبَهُ كَانَ عَنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِمُوجِبَةٍ.
[فُرُوعٌ] إذَا شَهِدَ الْمُودَعَانِ بِكَوْنِ الْوَدِيعَةِ مِلْكًا لِمُودِعِهِمَا تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ مُدَّعِيهَا أَنَّهَا مِلْكُ الْمُودَعِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَا رَدَّا الْوَدِيعَةَ عَلَى الْمُودِعِ
وَلَوْ شَهِدَ الْمُرْتَهِنَانِ بِالرَّهْنِ لِمُدَّعِيهِ قُبِلَتْ، وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ لَا تُقْبَلُ وَيَضْمَنَانِ قِيمَتَهُ لِلْمُدَّعِي لِإِقْرَارِهِمَا بِالْغَصْبِ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِكَوْنِ الرَّهْنِ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَا تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ هَالِكًا إلَّا إذَا شَهِدَ بَعْدَ رَدِّ الرَّهْنِ، وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنَانِ فَشَهِدَ الرَّاهِنَانِ بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ وَضَمِنَا قِيمَتَهُ لِلْمُدَّعِي لِمَا ذَكَرْنَا
وَلَوْ شَهِدَ الْغَاصِبَانِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ بَعْدَ رَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِمَا ثُمَّ شَهِدَا لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ
وَلَوْ شَهِدَ الْمُسْتَقْرِضَانِ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُسْتَقْرِضِ لِلْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ لَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَوْ رَدَّ عَيْنَهُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ بَعْدَ رَدِّ الْعَيْنِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ قَبْلَ اسْتِهْلَاكِهِ عِنْدَهُ حَتَّى كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ إذَا شَهِدَ الْمُشْتَرِيَانِ شِرَاءً فَاسِدًا بِأَنَّ الْمُشْتَرَى مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُقْبَلُ وَكَذَا لَوْ نَقَضَ الْقَاضِي الْعَقْدَ أَوْ تَرَاضَوْا عَلَى نَقْضِهِ هَذَا إذَا كَانَ فِي يَدِهِمَا، فَلَوْ رَادَّهُ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ شَهِدَا قُبِلَتْ.
وَلَوْ شَهِدَ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَى لِإِنْسَانٍ وَلَوْ بَعْدَ التَّقَايُلِ أَوْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِلَا قَضَاءٍ لَا تُقْبَلُ، كَالْبَائِعِ إذَا شَهِدَ بِكَوْنِ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِطَرِيقٍ هُوَ فَسْخٌ قُبِلَتْ.
وَشَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِمَا لِهَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ وَإِنْ قَضَيَا الدَّيْنَ
وَشَهَادَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِكَوْنِ الدَّارِ لِلْمُدَّعِي إنْ قَالَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْإِجَارَةَ كَانَتْ بِأَمْرِي لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِي تُقْبَلُ،
وَشَهَادَةُ سَاكِنِ الدَّارِ بِغَيْرِ إجَارَةٍ لِلْمُدَّعِي أَوْ عَلَيْهِ تُقْبَلُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِيمَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى تَجْوِيزِ غَصْبِ الْعَقَارِ وَعَدَمِهِ.
وَلَوْ شَهِدَ عَبْدَانِ بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا لَا تُقْبَلُ. وَفِي الْعُيُونِ: أَعْتَقَهُمَا بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ جُحُودِهِ تَجُوزُ إجْمَاعًا،
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِي أَلْفٍ قِبَلَ فُلَانٍ فَخَاصَمَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي ثُمَّ عَزْلَهُ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقَاضِي فَشَهِدَ بِهَذِهِ الْأَلْفِ لِمُوَكِّلِهِ جَازَتْ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ بِمُجَرَّدِ الْوَكَالَةِ قَامَ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ كَانَ خَاصَمَ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْبَاقِي بِحَالِهِ لَمْ تَجُزْ، وَلَوْ خَاصَمَ فِي الْأَلْفِ