للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَاسِ: لَا يَجُوزُ إنْ ادَّعَى، وَعَلَى هَذَا إذَا شَهِدَ الْمُوصِي لَهُمَا بِذَلِكَ أَوْ غَرِيمَانِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ أَوْ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى إلَى هَذَا الرَّجُلِ مَعَهُمَا. وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلشَّاهِدِ لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ طَالِبًا وَالْمَوْتُ مَعْرُوفٌ، فَيَكْفِي الْقَاضِي بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ مُؤْنَةَ التَّعْيِينِ لَا أَنْ يَثْبُتَ بِهَا شَيْءٌ فَصَارَ كَالْقُرْعَةِ وَالْوَصِيَّانِ إذَا أَقَرَّا أَنَّ مَعَهُمَا ثَالِثًا يَمْلِكُ الْقَاضِي نَصْبَ ثَالِثٍ مَعَهُمَا لِعَجْزِهِمَا عَنْ التَّصَرُّفِ بِاعْتِرَافِهِمَا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَا وَلَمْ يَعْرِفْ الْمَوْتَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ، وَفِي الْغَرِيمَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْتُ مَعْرُوفًا لِأَنَّهُمَا يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَيَثْبُتُ الْمَوْتُ بِاعْتِرَافِهِمَا فِي حَقِّهِمَا

الْمَيِّتِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ اثْنَانِ مُوصَى لَهُمَا بِمَالٍ أَوْ وَارِثَانِ لِذَلِكَ الْمَيِّتِ أَوْ غَرِيمَانِ لَهُمَا عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّانِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا.

وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ، لِأَنَّ شَهَادَةَ هَؤُلَاءِ تَتَضَمَّنُ جَلْبَ نَفْعٍ لِلشَّاهِدِ. أَمَّا الْوَارِثَانِ لِقَصْدِهِمَا نَصْبَ مَنْ يَتَصَرَّفُ لَهُمَا وَيُرِيحُهُمَا وَيَقُومُ بِإِحْيَاءِ حُقُوقِهِمَا وَالْغَرِيمَانِ الدَّائِنَانِ وَالْمُوصَى لَهُمَا لِوُجُودِ مَنْ يَسْتَوْفِيَانِ مِنْهُ وَالْمَدْيُونَانِ لِوُجُودِ مَنْ يَبْرَءَانِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَالْوَصِيَّانِ لِوُجُودِ مَنْ يُعِينُهُمَا فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَالْمُطَالَبَةِ وَكُلُّ شَهَادَةٍ جَرَّتْ نَفْعًا لَا تُقْبَلُ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّا لَمْ نُوجِبْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَاضِي شَيْئًا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، بَلْ إنَّمَا اعْتَبَرْنَاهَا عَلَى وِزَانِ الْقُرْعَةِ لَا يَثْبُتُ بِهَا شَيْءٌ. وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا لِفَائِدَةٍ غَيْرِ الْإِثْبَاتِ كَمَا جَازَ اسْتِعْمَالُهَا لِتَطْيِيبِ الْقَلْبِ فِي السَّفَرِ بِإِحْدَى نِسَائِهِ وَلِدَفْعِ التُّهْمَةِ عَنْ الْقَاضِي فِي تَعْيِينِ الْأَنْصِبَاءِ، فَكَذَا هَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَمْ تُثْبِتْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَاهَا لِفَائِدَةِ إسْقَاطِ تَعْيِينِ الْوَصِيِّ عَنْ الْقَاضِي، فَإِنَّ لِلْقَاضِي إذَا ثَبَتَ الْمَوْتُ وَلَا وَصِيَّ أَنْ يُنَصِّبَ الْوَصِيَّ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ وَصَّى وَادَّعَى الْعَجْزَ وَهَذِهِ الصُّوَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تُثْبِتْ شَيْئًا وَثَبَتَ الْمَوْتُ فَلِلْقَاضِي أَوْ عَلَيْهِ أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا، فَلَمَّا شَهِدَ هَؤُلَاءِ بِوِصَايَةِ هَذَا الرَّجُلِ فَقَدْ رَضَوْهُ وَاعْتَرَفُوا لَهُ بِالْأَهْلِيَّةِ الصَّالِحَةِ لِذَلِكَ، فَكَفَى الْقَاضِي بِذَلِكَ مُؤْنَةَ التَّفْتِيشِ عَلَى الصَّالِحِ، وَعُيِّنَ هَذَا الرَّجُلُ بِتِلْكَ الْوِلَايَةِ لَا بِوِلَايَةٍ أَوْجَبَتْهَا الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَكَذَلِكَ وَصِيَّا الْمَيِّتِ لَمَّا شَهِدَا بِالثَّالِثِ فَقَدْ اعْتَرَفَا بِعَجْزٍ شَرْعِيٍّ مِنْهُمَا عَنْ التَّصَرُّفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ مَعَهَا، أَوْ بِعَجْزٍ عَلِمَهُ الْمَيِّتُ مِنْهُمَا حَتَّى أَدْخَلَهُ مَعَهُمَا فِي فَيَنْصِبُ الْقَاضِي الْآخَرَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>