ثُمَّ يَثْبُتُ الْجَرْحُ بِنَاءً عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا أَقَامَهَا عَلَى أَنِّي صَالَحْت الشُّهُودَ عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ. وَدَفَعْتُهُ إلَيْهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا الْبَاطِلِ وَقَدْ شَهِدُوا وَطَالَبَهُمْ بِرَدِّ ذَلِكَ الْمَالِ، وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الشَّاهِدَ عَبْدٌ أَوْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ قَاذِفٌ أَوْ شَرِيكُ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ.
أَوْ شَرِيكُ الْمُدَّعِي فِيمَا ادَّعَى بِهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ الَّذِي كَانَ فِيهِ هَذَا الْأَمْرُ قُبِلَتْ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّ مِنْهُ مَا تَضَمَّنَ حَقًّا لِلْعَبْدِ وَمَوَاضِعُهُ ظَاهِرَةٌ وَفِي ضِمْنِهِ يَثْبُتُ الْجَرْحُ. وَمِنْهُ الشَّهَادَةُ بِرِقِّهِمْ فَإِنَّ الرِّقَّ حَقٌّ لِلْعَبْدِ.
وَمِنْهُ مَا تَضَمَّنَ حَقًّا لِلشَّرْعِ مِنْ حَدٍّ كَالشَّهَادَةِ بِسَرِقَتِهِمْ وَشُرْبِهِمْ وَزِنَاهُمْ أَوْ غَيْرِ حَدٍّ كَالشَّهَادَةِ بِأَنَّهُمْ مَحْدُودُونَ، فَإِنَّهَا قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَقَضَاءُ الْقَاضِي حَقُّ الشَّرْعِ. وَمِنْهُ مَا هُوَ مُبْطِلٌ لِشَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يَتَضَمَّنْ إشَاعَةَ فَاحِشَةٍ فَتُقْبَلُ. وَمِنْهُ شَهَادَتُهُمْ بِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ الْمَشْهُودِ لَهُ إذْ لَيْسَ فِيهِ إظْهَارُ الْفَاحِشَةِ فَتُقْبَلُ فَتَصِيرُ الشَّرِكَةُ كَالْمُعَايَنَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُفَاوِضٌ فَمَهْمَا حَصَلَ مِنْ هَذَا الْمَالِ الْبَاطِلِ يَكُونُ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ شَرِيكَهُ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَإِلَّا كَانَ إقْرَارًا بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُمَا، وَكَذَا كُلُّ مَا يَشْهَدُونَ بِهِ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِمَا نَسَبَهُ إلَى شُهُودِهِ مِنْ فِسْقِهِمْ وَنَحْوِهِ لَيْسَ فِيهِ إشَاعَةٌ مِنْهُمْ، بَلْ إخْبَارٌ عَنْ إخْبَارِ الْمُدَّعِي عَنْهُمْ بِذَلِكَ فَتُصْبِحُ كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ وَالْإِنْسَانُ مُؤَاخَذٌ بِزَعْمِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَكَذَا الْإِشَاعَةُ فِي شَهَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ مَحْدُودُونَ إنَّمَا هِيَ مَنْسُوبَةٌ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ شَهَادَةِ الْقَذْفِ. هَذَا وَقَدْ نَصَّ الْخَصَّافُ فِي الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ فَقِيلَ فِي وَجْهِهِ أَنَّهُ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ فَتُقْبَلُ كَالرِّقِّ وَأَنْتَ سَمِعْت الْفَرْقَ. وَأَوَّلُ جَمَاعَةٌ قَوْلَ الْخَصَّافِ بِحَمْلِهِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ يُجْعَلُ كَشَاهِدٍ زَكَّاهُ نَفَرٌ وَجَرَّحَهُ نَفَرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا مَا يَمْنَعُهُ ثُمَّ قَدْ وَقَعَ فِي عَدِّ صُوَرِ عَدَمِ الْقَبُولِ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهُمْ فَسَقَةٌ أَوْ زُنَاةٌ أَوْ شَرَبَةُ خَمْرٍ. وَفِي صُوَرِ الْقَبُولِ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهُ شَرِبَ أَوْ زَنَى لِأَنَّهُ لَيْسَ جَرْحًا مُجَرَّدًا لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْحَدُّ وَيَحْتَاجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute