مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَكَانَ الْعُذْرُ وَاضِحًا فَتُقْبَلُ إذَا تَدَارَكَهُ فِي أَوَانِهِ وَهُوَ عَدْلٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ عَادَ وَقَالَ أُوهِمْتُ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ الزِّيَادَةَ مِنْ الْمُدَّعِي بِتَلْبِيسٍ وَخِيَانَةٍ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ، وَلِأَنَّ الْمَجْلِسَ إذَا اتَّحَدَ لَحِقَ الْمُلْحَقُ بِأَصْلِ الشَّهَادَةِ فَصَارَ كَكَلَامٍ وَاحِدٍ، وَلَا كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ. وَعَلَى هَذَا إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعَ شُبْهَةٍ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الْكَلَامِ أَصْلًا مِثْلُ أَنْ يَدَعَ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ وَإِنْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا.
لِمَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ) إذْ طَبْعُ الْبَشَرِ النِّسْيَانُ وَعَدَالَتُهُ مَعَ عَدَمِ التُّهْمَةِ تُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَابَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ ذَلِكَ لِتَمَكُّنِ تُهْمَةِ اسْتِغْوَاءِ الْمُدَّعِي فِي الزِّيَادَةِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنَّقْصِ فِي الْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ (وَعَلَى هَذَا إذَا غَلِطَ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ) بِأَنْ ذَكَرَ الشَّرْقِيَّ مَكَانَ الْغَرْبِيِّ وَنَحْوَهُ (أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ) بِأَنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ إنْ تَدَارَكَهُ فِي الْمَجْلِسِ قُبِلَ، وَبَعْدَهُ لَا، وَإِذَا جَازَتْ وَلَمْ تُرَدَّ فَبِمَاذَا يَقْضِي؟ قِيلَ بِجَمِيعِ مَا شَهِدَ بِهِ لِأَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ صَارَ حَقًّا لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِقَوْلِهِ أُوهِمْتُ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الزِّيَادَةَ، فَإِنَّهُ لَوْ شَهِدَ لَهُ بِأَلْفٍ وَقَالَ: بَلْ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ لَا يَدْفَعُ إلَّا إنْ ادَّعَى الْأَلْفَ وَخَمْسَمِائَةٍ. وَصُورَةُ الزِّيَادَةِ حِينَئِذٍ عَلَى تَقْدِيرِ الدَّعْوَى أَنْ يَدَّعِيَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ فَيَشْهَدَ بِأَلْفٍ ثُمَّ يَقُولَ أُوهِمْتُ إنَّمَا هُوَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، لَكِنْ هَلْ يَقْضِي بِأَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ؟ قِيلَ يَقْضِي بِالْكُلِّ، وَقِيلَ بِمَا بَقِيَ وَهُوَ الْأَلْفُ، حَتَّى لَوْ شَهِدَ بِأَلْفٍ ثُمَّ قَالَ غَلِطْت بِخَمْسِمِائَةٍ زِيَادَةً وَإِنَّمَا هُوَ خَمْسُمِائَةٍ يَقْضِي بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَطْ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ يُجْعَلُ كَحُدُوثِهِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ لَوْ شَهِدَ بِخَمْسِمِائَةٍ لَمْ يَقْضِ بِأَلْفٍ فَكَذَا إذَا غَلِطَ، وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ: أَيْ لَا تُرَدُّ، لَكِنْ لَا يَقْضِي، إلَّا كَمَا قُلْنَا سَوَاءٌ كَانَ وَهْمُهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِرَجُلٍ بِشَهَادَةٍ ثُمَّ زَادَ فِيهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَالَا أُوهِمْنَا وَهُمَا غَيْرُ مُتَّهَمَيْنِ قُبِلَ مِنْهُمَا، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَقْضِي بِالْكُلِّ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ شَهِدَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ يَوْمٍ وَقَالَ شَكَكْتُ فِي كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُهُ بِالصَّلَاحِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِالصَّلَاحِ فَهَذِهِ تُهْمَةٌ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ قَالُوا لَا نَدْرِي لِمَنْ الْبِنَاءُ فَإِنِّي لَا أُضَمِّنُهُمْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ قَالُوا شَكَكْنَا فِي شَهَادَتِنَا، وَإِنْ قَالُوا لَيْسَ الْبِنَاءُ لِلْمُدَّعِي ضَمِنُوا قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. فَعُلِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute