وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِأَنَّ نَفْلَ الصَّبِيِّ دُونَ نَفْلِ الْبَالِغِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَبْنِي الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ، بِخِلَافِ الْمَظْنُونِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ فَاعْتُبِرَ الْعَارِض عَدَمًا. وَبِخِلَافِ اقْتِدَاءِ الصَّبِيِّ بِالصَّبِيِّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ.
مَشَايِخُنَا الْبُخَارِيُّونَ وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَقَالُوا إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي السُّنَنِ، وَكَذَا فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَيَجُوزُ فِيهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَلَا يُبْنَى الْقَوِيُّ عَلَى الضَّعِيفِ) قَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الْحِسِّيِّ، أَمَّا الْبِنَاءُ الْحُكْمِيُّ فَلَا، بَلْ الْمَانِعُ فِيهِ عَدَمُ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ لِانْتِفَاءِ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا ثَابِتٌ هُنَا، فَإِنَّ نَفْلَ الْبَالِغِ يَصِيرُ وَاجِبَ الْإِتْمَامِ، وَهَذَا الْوُجُوبُ مُنْعَدِمٌ فِي نَفْلِ الصَّبِيِّ. فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي جَوَازُ الْمَظْنُونِ خَلْفَ ظَهْرِ الصَّبِيِّ. فَالْجَوَابُ هُوَ غَيْرُ مَحْفُوظِ الرِّوَايَةِ. وَلَنَا أَنْ نَمْنَعَهُ بِنَاءً عَلَى الْفَسَادِ فِي زَعْمِ الْمُقْتَدِي فَإِنَّهُ حَالُ الشُّرُوعِ بِظَنِّ الْوُجُوبِ وَيُعْلَمُ انْتِفَاءً مِنْ ظَهْرِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَظْنُونِ) وَهُوَ الْمُؤَدِّي عَلَى ظَنِّ قِيَامِ وُجُوبِهِ إذَا ظَهَرَ بَعْدَ إفْسَادِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِ بِظُهُورِ أَنَّهُ كَانَ أَدَّاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ. وَمَعَ هَذَا صَحَّ بِنَاءُ نَفْلِ الْبَالِغِ عَلَيْهِ فَقَدْ بَنَى الْمَظْنُونَ عَلَى غَيْرِ الْمَظْنُونِ. أَجَابَ بِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، إذْ عِنْدَ زُفَرَ يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الظَّانِّ إذَا أَفْسَدَ الْمَظْنُونَ قَاسَهُ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ الْإِحْرَامِ بِنُسُكٍ مَظْنُونٍ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ حَتَّى إذَا ظَهَرَ لَهُ أَنْ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ كَانَ إحْرَامُهُ لَازِمًا لِلنَّفْلِ، وَالصَّدَقَةُ الْمَظْنُونُ وُجُوبُهَا إذَا تَبَيَّنَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْفَقِيرِ. وَالْجَوَابُ الْفَرْقُ بِالْعِلْمِ بِفَرْقِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ ظَهَرَ مِنْهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَوْ عَرَضَتْ ضَرُورَةٌ تُوجِبُ رَفْضَهُ إلَّا بِأَفْعَالٍ أَوْ دَمٍ ثُمَّ قَضَاءٍ أَصْلُهُ مَنْ أُحْصِرَ وَاضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَتَمَكَّنْ شَرْعًا مِنْ الْخُرُوجِ بِلَا لُزُومِ شَيْءٍ ثُمَّ الْقَضَاءِ؛ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَإِنَّ الدَّفْعَ عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ يُوجِبُ أَمْرَيْنِ: سُقُوطَ الْوَاجِبِ، وَثُبُوتَ الثَّوَابِ، فَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مُنْتَفِيًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ثَبَتَ الْآخَرُ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَطْلُبُ بِهِ ثَوَابَهُ وَقَدْ حَصَلَ، وَثَبَتَ الْمِلْكُ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ لِلْفَقِيرِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهِ، بِخِلَافِ مَنْ دَفَعَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ بِظَنِّهِ وَلَا دَيْنَ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مِلْكُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَكَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَقَدْ ثَبَتَ شَرْعًا قَبُولُ مَا هُوَ مِنْهَا لِلرَّفْضِ إجْمَاعًا كَمَا فِي زِيَادَةِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ وَتَمَامِ الرَّكْعَةِ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ فَلَمْ يَلْزَمْ لُزُومُهُمَا إذَا ظَهَرَ عَدَمُ وُجُوبِهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا إلَّا مُسْقِطًا وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ. وَسُقُوطُ الضَّمَانِ عِنْدَنَا بِعَارِضِ الظَّنِّ وَالْأَصْلُ فِي نَفْلِ الْبَالِغِ الضَّمَانُ، وَالْعَارِضُ لَا يُعَارِضُ الْأَصْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute