للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ نِصْفُ الْحَقِّ

(وَإِنْ شَهِدَا بِالْمَالِ ثَلَاثَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ بَقِيَ بِشَهَادَتِهِ كُلُّ الْحَقِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بَاقٍ بِالْحُجَّةِ، وَالْمُتْلِفُ مَتَى اسْتَحَقَّ (سَقَطَ الضَّمَانُ فَأَوْلَى أَنْ يَمْتَنِعَ) فَإِنْ رَجَعَ الْآخَرُ

فُرُوعٌ]

شَهِدَا أَنَّهُ أَجَّلَهُ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَاهُ حَالًا ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْمَطْلُوبِ بَعْدَ السَّنَةِ، وَلَوْ تَوَى مَا عَلَى الْمَطْلُوبِ لَمْ يَرْجِعَا عَلَى الطَّالِبِ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ.

وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا. وَلَوْ شَهِدَا عَلَى هِبَةِ عَبْدٍ وَتَسْلِيمٍ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَتَهُ لِلْمَالِكِ وَلَا رُجُوعَ لِلْوَاهِبِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ كَالْعِوَضِ، وَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْ الْوَاهِبُ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ الرُّجُوعَ. شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ وَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا يَخْسَرُ الْبَائِعُ بَيْنَ رُجُوعِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى سَنَةٍ وَبَيْنَ تَضْمِينِ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَتَهُ حَالَّةً وَلَا يُضَمِّنُهُمَا الْخَمْسمِائَةِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُمَا قَامَا مَقَامَ الْبَائِعِ بِالضَّمَانِ وَطَابَ لَهُمَا قَدْرُ مِائَةٍ وَتَصَدَّقَا بِالْفَضْلِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ) وَهَذَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ الْمَالَ وَالرُّجُوعَ إنَّمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لَهُ، فَإِذَا بَقِيَ بَعْدَ رُجُوعِ مَنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِ الْمَالِ بَقِيَ الْمَالُ ثَابِتًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ بِالرُّجُوعِ إتْلَافُ شَيْءٍ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَضْمَنَ مَعَ عَدَمِ إتْلَافِ شَيْءٍ.

وَأَمَّا مَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي إذَا رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ شَيْءٌ أَصْلًا فَيَقْتَضِي أَنْ يُضَمَّنَ الْوَاحِدُ الرَّاجِعُ كُلَّ الْمَالِ وَهُوَ مُصَادِمٌ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى نَفْيِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ شَيْءٍ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ إنَّمَا هُوَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي حَلِّ الْبَقَاءِ مَا يَلْزَمُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَبَعْدَمَا ثَبَتَ ابْتِدَاءُ شَيْءٍ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ نُسِبَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْبَقَاءِ ثُبُوتُ حِصَّةٍ مِنْهُ بِشَهَادَتِهِ فَتَبْقَى هَذِهِ الْحِصَّةُ مَا بَقِيَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَيَكُونُ مُتْلِفًا لَهَا بِرُجُوعِهِ.

إذَا عُرِفَ هَذَا فَإِذَا رَجَعَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ لَزِمَهُ ضَمَانُ النِّصْفِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِرُجُوعِهِ

(وَإِنْ شَهِدَ بِالْمَالِ ثَلَاثَةٌ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَقِيَ الْحَقُّ مِنْ غَيْرِ إتْلَافِ شَيْءٍ مِنْهُ بِبَقَاءِ الشَّاهِدَيْنِ وَالِاسْتِحْقَاقُ بَاقٍ بِالْحُجَّةِ (وَالْمُتْلَفُ مَتَى اُسْتُحِقَّ سَقَطَ الضَّمَانُ) كَمَا إذَا أَتْلَفَ مَالَ زَيْدٍ فَقُضِيَ بِضَمَانِهِ عَلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ مُسْتَحِقَّهُ عَمْرٌو فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ لِزَيْدٍ (فَأَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ الضَّمَانُ) وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذَا فَإِنَّ بِالرُّجُوعِ أَتْلَفَ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ حِصَّتَهُ الَّتِي أَثْبَتَهَا لَهُ بِشَهَادَتِهِ لَهُ وَصَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَبِبَقَاءِ مَنْ يَبْقَى كُلُّ الْحَقِّ بِهِ ظَهَرَ اسْتِحْقَاقُ الْمَشْهُودِ لَهُ لِتِلْكَ الْحِصَّةِ دُونَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيَدْفَعُ الضَّمَانَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ) مِنْ الثَّلَاثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>