بَعْضُ الشَّاهِدِ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ الْحُكْمُ.
قَالَ (وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى امْرَأَةٍ بِالنِّكَاحِ بِمِقْدَارِ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا) لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ الْإِتْلَافِ لِأَنَّ التَّضْمِينَ يَسْتَدْعِي الْمُمَاثَلَةَ عَلَى مَا عُرِفَ، وَإِنَّمَا تُضْمَنُ وَتُتَقَوَّمُ بِالتَّمَلُّكِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُتَقَوِّمَةً ضَرُورَةَ الْمِلْكِ إبَانَةً لِخَطَرِ الْمَحَلِّ
لِبَقَاءِ مِنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ نِصْفَ الْمَالِ أَعْنِي الْمَرْأَتَيْنِ، ثُمَّ هُوَ عَلَى الرَّجُلِ خَاصَّةً عَلَى قَوْلِهِمَا لِثُبُوتِ النِّصْفِ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ وَالنِّصْفِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ.
وَيَنْبَغِي فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النِّصْفَ أَثْلَاثًا عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ هُنَا بِشَهَادَةِ الْكُلِّ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الشُّيُوعِ. ثُمَّ يُقَامُ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ مَقَامَ رَجُلٍ، فَثَلَاثُ نِسْوَةٍ مَقَامُ رَجُلٍ وَنِصْفٍ، فَإِنْ رَجَعُوا جَمِيعًا فَعِنْدَهُمَا أَنْصَافًا.
وَعِنْدَهُ أَخْمَاسًا عَلَى النِّسْوَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ وَعَلَى الرَّجُلِ خُمُسَانِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا إلَى آخِرِهِ) إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ نِكَاحًا بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ ادَّعَاهُ بِأَقَلَّ بِأَنْ ادَّعَاهُ بِمِائَةٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ فَشَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ فَقُضِيَ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِرُجُوعِهِمَا وَلَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَذَكَرَ فِي الْمَنْظُومَةِ فِي صُورَةِ النُّقْصَانِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. قَالَ فِي بَابِ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ أَثْبَتُوا نِكَاحَهَا فَأَوْكَسُوا إنْ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا مَا بَخَسُوا. ثُمَّ بَيَّنَهُ فِي شَرْحِهِ الْمُسَمَّى بِالْحَصْرِ وَجُعِلَ الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ. فَإِنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ الْقَوْلَ قَوْلُهَا إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَكَانَ يَقْضِي لَهَا بِأَلْفٍ لَوْلَا هَذِهِ الشَّهَادَةُ فَقَدْ أَتْلَفَا عَلَيْهَا تِسْعَمِائَةٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فَلَمْ يَتْلَفَا عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهَا شَيْئًا وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ.
وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ. وَغَيْرُهُ مِنْ الشَّارِحِينَ لَمْ يَنْقُلُوا سِوَاهُ خِلَافًا وَلَا رِوَايَةً، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأُصُولِ كَالْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا نَقَلُوا فِيهَا خِلَافَ الشَّافِعِيِّ، فَلَوْ كَانَ لَهُمْ شُعُورٌ بِهَذَا الْخِلَافِ الثَّابِتِ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَعْرِضُوا عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَشْتَغِلُوا بِنَقْلِ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ. وَذَكَرُوا وَجْهَهُ بِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ لِثُبُوتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute