للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ شَهِدُوا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْقَتْلِ ضَمِنُوا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمْ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُقْتَصُّ مِنْهُمْ لِوُجُودِ الْقَتْلِ مِنْهُمْ تَسْبِيبًا فَأَشْبَهَ الْمُكْرِهَ بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ الْوَلِيَّ يُعَانُ وَالْمُكْرِهَ يُمْنَعُ. وَلَنَا أَنَّ الْقَتْلَ مُبَاشَرَةَ لَمْ يُوجَدْ، وَكَذَا تَسْبِيبًا

بِالضَّمَانِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ وَيَرُدُّ الْمَوْلَى مَا أَخَذَ مِنْهُمَا لِزَوَالِ حَيْلُولَتِهِمَا بِرَدِّهِ فِي الرِّقِّ، فَهُوَ كَغَاصِبِ الْمُدَبَّرِ إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ بَعْدَ إبَاقِهِ ثُمَّ رَجَعَ يَكُونُ مَرْدُودًا عَلَى الْمَوْلَى وَيَرُدُّ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ.

وَلَوْ كَانَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ وُلِدَتْ مِنْهُ فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لِلْمَوْلَى نُقْصَانَ قِيمَتِهَا وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ أَمَةً وَأُمَّ وَلَدٍ لَوْ جَازَ بَيْعُهَا مَعَ الْأُمُومَةِ فَيَضْمَنَانِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَعَتَقَتْ كَانَ عَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ قِيمَتِهَا أَمَةً لِلْوَرَثَةِ وَإِنَّ هُمَا نَصَّا فِي شَهَادَتِهِمَا عَلَى إقْرَارِهِ فِي ابْنٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ مِنْهُ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ هَذَا الْوَلَدَ كَانَ عَلَيْهِمَا مَعَ مَا ذَكَرْنَا لِلْمَوْلَى قِيمَةُ الْوَلَدِ، فَإِنْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ هَذَا الِابْنُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مِمَّا وَرِثَ مِثْلُ مَا كَانَ الْمَيِّتُ أَخَذَهُ مِنْهُمَا مِنْ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ أُمِّهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْمَيِّتُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهُ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ لَهُمَا.

وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَا لِلْوَرَثَةِ مِقْدَارَ مَا وَرِثَ الِابْنُ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا، عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمَا

(قَوْلُهُ وَإِذَا شَهِدَا بِقِصَاصٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَتْلِ ضَمِنَا الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الشُّهُودِ.

وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ إنْ قَالَا أَخْطَأْنَا ضَمِنَّا الدِّيَةَ فِي مَالِهِمَا، وَإِنْ قَالَا تَعَمَّدْنَا اقْتَصَّ مِنْهُمَا (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَقْتَصُّ لِوُجُودِ الْقَتْلِ) مِنْهُمَا (تَسْبِيبًا فَأَشْبَهَ) الشَّاهِدَ (الْمُكْرَهَ) فَإِنَّهُ تَسَبَّبَ بِشَهَادَتِهِ فِي قَتْلِ الْوَلِيِّ، كَمَا أَنَّ الْمُكْرَهَ تَسَبَّبَ بِإِكْرَاهِهِ فِي قَتْلِ الْمُكْرَهِ فَيُقْتَلُ كَمَا يُقْتَلُ الْمُكْرَهُ (بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ لِأَنَّ وَلِيَّ الْقِصَاصِ) بَعْدَ الشَّهَادَةِ (يُعَانُ) عَلَى قَتْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ (وَالْمُكْرَهُ) لَا يُعَانُ عَلَى الْقَتْلِ بِإِكْرَاهِهِ بَلْ (يُمْنَعُ) وَيُنْكَرُ عَلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ (وَلَنَا أَنَّ الْقَتْلَ) مِنْ الشَّاهِدِ (لَمْ يُوجَدْ) تَسْبِيبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>