دُونَ حَضْرَتِهِ لِأَنَّ كَلَامَ الْوَكِيلِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ حُضُورِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِنَفْسِهِ. لَهُ أَنَّ التَّوْكِيلَ إنَابَةٌ وَشُبْهَةُ النِّيَابَةِ يُتَحَرَّزُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ (كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَكَمَا فِي الِاسْتِيفَاءِ) وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مُضَافٌ إلَى الْجِنَايَةِ وَالظُّهُورَ إلَى الشَّهَادَةِ فَيَجْرِي فِيهِ التَّوْكِيلُ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّوْكِيلُ بِالْجَوَابِ مِنْ جَانِبِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ.
وَكَلَامُ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِيهِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَمْنَعُ الدَّفْعَ، غَيْرَ أَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ عَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ.
حَاضِرٌ جَازَ اتِّفَاقًا
(لِأَنَّ كَلَامَ الْوَكِيلِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ حُضُورِهِ. لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ التَّوْكِيلَ إنَابَةٌ وَشُبْهَةُ النِّيَابَةِ يُحْتَرَزُ عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ) أَيْ بَابِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ حَتَّى لَا تَثْبُتَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَلَا بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَصَارَ كَالتَّوْكِيلِ بِالِاسْتِيفَاءِ حَالِ الْغَيْبَةِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ الْخُصُومَةَ شَرْطٌ مَحْضٌ) لِثُبُوتِ الْحَدِّ (لِأَنَّ وُجُوبَهُ) إنَّمَا (يُضَافُ إلَى) نَفْسِ (الْجِنَايَةِ) لَا إلَى الْخُصُومَةِ (وَالظُّهُورِ) أَيْ ظُهُورِ الْجِنَايَةِ إنَّمَا يُضَافُ (إلَى) نَفْسِ (الشَّهَادَةِ) لَا إلَى السَّعْيِ فِي إثْبَاتِهَا فَكَانَ السَّعْيُ فِي ذَلِكَ حَقًّا (كَسَائِرِ الْحُقُوقِ) فَيَجُوزُ لِقِيَامِ الْمُقْتَضَى وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ.
وَقَوْلُهُ سَائِرُ الْحُقُوقِ: أَيْ بَاقِيهَا: أَيْ فَتَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِهَذَا الْحَقِّ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْسِيرِهِ بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ مُعَوِّلًا عَلَى مَا فِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ ثُمَّ تَخْطِئَتِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْبَاقِي لَا الْجَمِيعِ. هَذَا وَقَدْ يُمْنَعُ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْخُصُومَةَ لَيْسَ إلَّا السَّعْيَ فِي إثْبَاتِ سَبَبِ الْحَدِّ وَالِاحْتِيَالِ فِيهِ وَوَضَعَ الشَّرْعُ الِاحْتِيَالَ لِإِسْقَاطِهِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ صَحَّ هَذَا لَمْ يَجُزْ إثْبَاتُهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ نَفْسَهُ عَلَى مَا ذَكَرْت لِأَنَّهُ سَاعٍ إلَى آخِرِهِ وَذَلِكَ يُخِلُّ بِالْإِجْمَاعِ.
قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الْوَكَالَةَ فِيهَا زِيَادَةُ تَحَيُّلٍ وَزِيَادَةُ تَكَلُّفٍ لِإِثْبَاتِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُوَكِّلُ لِلِاسْتِعَانَةِ عَلَيْهِ لِضَعْفِهِ هُوَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَالشَّرْعُ أَطْلَقَ فِي إثْبَاتِهِ لَا بِذَلِكَ التَّكَلُّفِ الزَّائِدِ وَالتَّهَالُكِ فِيهِ، بَلْ إذَا عَجَزَ تَرَكَ لِأَنَّهُ عِلَّةُ الدَّرْءِ لِأَنَّهُ ﷺ قَالَ لِلَّذِينَ اتَّبَعُوا مَاعِزًا حِينَ هَرَبَ لَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ؟» أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّوْكِيلُ بِالْجَوَابِ مِنْ جَانِبِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ) أَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنَعَهُ أَبُو يُوسُفَ (وَ) لَا شَكَّ أَنَّ (كَلَامَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ أَظْهَرُ) مِنْهُ بِالْوَكَالَةِ بِإِثْبَاتِهَا (لِأَنَّ الشُّبْهَةَ) الَّتِي بِهَا مَنَعَ أَبُو يُوسُفَ هُنَاكَ (لَا تَمْنَعُ الدَّفْعَ) بَلْ تَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ بِجَوَازِ الْوَكَالَةِ بِدَفْعِهِ، ثُمَّ لَا يَجُوزُ لِلْمُوَكَّلِ الْإِقْرَارُ عَلَى مُوَكِّلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute