وَإِنْ كَانَ اسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَانْصَرَفَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ حَيْثُ تَفْسُدُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لِأَنَّ الِانْصِرَافَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مَا تَوَهَّمَهُ يَسْتَقْبِلُهُ فَهَذَا هُوَ الْحَرْفُ، وَمَكَانُ الصُّفُوفِ فِي الصَّحْرَاءِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ قُدَّامَهُ فَالْحَدُّ هُوَ السُّتْرَةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمِقْدَارُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَمَوْضِعُ سُجُودِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (وَإِنَّ جُنَّ أَوْ نَامَ فَاحْتَلَمَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَ) لِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُجُودُ هَذِهِ الْعَوَارِضِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ،
يَعْتَبِرَ مَوْضِعَ سُجُودِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحُكْمُ الْمُنْفَرِدِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ اسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ) وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ الْمَذْكُورَ، وَقِيلَ الْفَسَادُ بِالِاسْتِخْلَافِ قَوْلُهُمَا لَا قَوْلُهُ. وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ أَبِي جَعْفَرٍ: إذَا أَتَى الْخَلِيفَةُ بِالرُّكُوعِ فَسَدَتْ وَقَبْلَهُ لَا.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ فَسَدَتْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرُكْنٍ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْقَوْمُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ لَا صَلَاةُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ) وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا لِأَنَّ الِانْصِرَافَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مَا تَحَايَلَهُ لَا يَبْنِي فَلَا يَبْنِي.
وَفِي النِّهَايَةِ: وَمَا يُجَانِسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَا ذُكِرَ فِي الْعُيُونِ: صَلَّى الْعِشَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ يَظُنُّهَا تَرْوِيحَةً أَوْ فِي الظُّهْرِ يَظُنُّهَا جُمُعَةً وَأَنَّهُ مُسَافِرٌ يَسْتَقْبِلُ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ الْفَرَاغِ يَبْنِي وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَامِدٌ فِي السَّلَامِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَامُ الْعَمْدِ قَاطِعٌ، وَفِي الْأَخِيرَةِ ظَنَّ الْفَرَاغَ فَلَمْ يَتَعَمَّدْ السَّلَامَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا قَصْدُ رَفْضٍ أَوْ إصْلَاحٍ أَصْلًا، بَلْ ظَنَّ تَمَامَ مَا تَوَهَّمَهُ وَلَيْسَ الظَّنُّ قَصْدًا لِأَنَّهُ مِنْ الْكَيْفِ وَالْقَصْدُ مِنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَهَذَا هُوَ الْحَرْفُ) أَيْ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ إذَا انْصَرَفَ بِظَنٍّ، فَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقُهُ لَوْ كَانَ ثَابِتًا جَازَ الْبِنَاءُ فَظَهَرَ خِلَافًا جَازَ الْبِنَاءُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ كَانَ لَمْ يَجُزْ فَظَهَرَ خِلَافُهُ لَمْ يَجُزْ (قَوْله اسْتَقْبَلَ) أَيْ إنْ وُجِدَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ مُحْدِثًا بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ فِي مَكَانِهِ فَيَصِيرَ مُؤَدِّيًا جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ أَوْ يَضْطَرِبَ عِنْدَهَا وَذَلِكَ فِعْلٌ مِنْهُ وَبِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute