وَكَذَلِكَ إذَا قَهْقَهَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ وَهُوَ قَاطِعٌ.
(وَإِنْ حُصِرَ الْإِمَامُ عَنْ الْقِرَاءَةِ فَقَدَّمَ غَيْرَهُ أَجْزَأَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَقَالَا لَا يُجْزِئُهُمْ) لِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُجُودُهُ فَأَشْبَهَ الْجَنَابَةَ فِي الصَّلَاةِ. وَلَهُ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ لِعِلَّةِ الْعَجْزِ وَهُوَ هَاهُنَا أَلْزَمُ، وَالْعَجْزُ عَنْ الْقِرَاءَةِ غَيْرُ نَادِرٍ فَلَا يَلْحَقُ بِالْجَنَابَةِ. وَلَوْ قَرَأَ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ
تَتِمُّ الصَّلَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقْصِدُ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُفْسِدَ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ كَوْنِهِ مَقْصُودًا أَوْ لَا، وَكَذَا فِي الْقَهْقَهَةِ لِأَنَّهَا أَفْحَشُ مِنْ الْكَلَامِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ حُصِرَ) بِوَزْنِ تَعِبَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا الْعِيُّ وَضِيقُ الصَّدْرِ (قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يُجْزِئُهُ) بَلْ يُتِمُّهَا بِلَا قِرَاءَةٍ كَالْأُمِّيِّ لِأَنَّ جَوَازَ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْحَدَثِ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، وَلَيْسَ الْحَصْرُ فِي مَعْنَاهُ بَلْ دُونَهُ لِنُدْرَةِ نِسْيَانِ جَمِيعِ مَا يَحْفَظُ بِخِلَافِ الْحَدَثِ، وَلِتَوَقُّفِ كُلِّ الصَّلَاةِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ جَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ بِعِلَّةِ الْعَجْزِ وَهُوَ هُنَا أَلْزَمُ) لِأَنَّ الْمُحْدِثَ لَوْ وَجَدَ مَاءً فِي الْمَسْجِدِ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَبْنِي وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِخْلَافِ بِعِلَّةِ الْعَجْزِ، وَهَذَا لَوْ تَعَلَّمَ مِنْ مُصْحَفٍ أَوْ عَلَّمَهُ إنْسَانٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. لَا يُقَالُ: هَذَا قِيَاسٌ حَيْثُ عَيَّنَ الْعِلَّةَ وَأَلْحَقَ. لِأَنَّا نَقُولُ: تَعْيِينُ الْمَنَاطِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِلْحَاقِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَيْضًا عَلَى مَا قُرِّرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ كَوْنَهُ حَيْثُ لَا يَتَوَقَّفُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ عَلَى أَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ فَهْمِ اللُّغَةِ، أَلَا تَرَى إلَى تَسْمِيَةِ الشَّافِعِيَّةِ لَهُ قِيَاسًا جَلَّيَا، وَكُلُّ مَنْ عَلِمَ مِنْ الشَّرْعِ تَجْوِيزَ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ لِسَبْقِ حَدَثِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ شُرُوطَ الصَّلَاةِ بَادَرَ إلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ لِصَوْنِ صَلَاةِ الْقَوْمِ عَنْ الْفَسَادِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْإِتْمَامِ بِهِمْ عَجْزًا لَا تَسَبُّبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute