وَهَذَا لَا يَقْوَى لِأَنَّ كَلَامَ النَّاسِ فِي مُتَفَاهَمِ الْعُرْفِ يَتْبَعُ وُجُودَ حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَإِفْهَامَ الْمَعْنَى، وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي حُرُوفٍ كُلُّهَا زَوَائِدُ
(وَإِنْ تَنَحْنَحَ بِغَيْرِ عُذْرٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ (وَحَصَلَ بِهِ الْحُرُوفُ يَنْبَغِي أَنْ يُفْسِدَ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ فَهُوَ عَفْوٌ كَالْعُطَاسِ) وَالْجُشَاءِ إذَا حَصَلَ بِهِ حُرُوفٌ.
هَنَاءٌ وَتَسْلِيمٌ تَلَا يَوْمَ أُنْسِهِ … نِهَايَةُ مَسْئُولٍ أَمَانٌ وَتَسْهِيلُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: الْأَنِينُ وَالْبُكَاءُ وَالتَّأَوُّهُ يَقْطَعُ مُطْلَقًا إذَا حَصَلَ مِنْهُ حَرْفَانِ.
وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَلِصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ» وَبِأَزِيزِ الْمِرْجَلِ يَحْصُلُ الْحُرُوفُ لِمَنْ يَصْغَى (قَوْلُهُ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي حُرُوفٍ كُلُّهَا زَوَائِدُ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: قُلْت هَذَا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْحَرْفَيْنِ لِأَنَّ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا يَكُونُ قَوْلُهُ كَقَوْلِهِمَا اهـ.
وَأَثَرُ هَذَا الْبَحْثِ فِي الْعِبَارَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، أَوْ صَرَّحَ فَقَالَ: وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي حَرْفَيْنِ زَائِدَيْنِ، أَوْ أَنَّ الْجَمْعَ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا مُتَكَلِّمٍ وَاحِدٍ مِثْلُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ مَعَ أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ بِشَاهِدَيْنِ طَاحَ مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ هَذَا أَوْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَنِينُ يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجَعِ عَنْهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀: إنْ كَانَ أَلَمُهُ خَفِيفًا يَقْطَعُ وَإِلَّا لَا،
(قَوْلُهُ يَنْبَغِي إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْجَوَابِ لِثُبُوتِ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا لَهُ بَلْ فَعَلَهُ لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ، فَعِنْدَ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ الزَّاهِدِ تَفْسُدُ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَا. وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ مَا لِلْقِرَاءَةِ مُلْحَقٌ بِهَا وَكَذَا لَوْ تَنَحْنَحَ بِالْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ نَفَخَ مَسْمُوعًا فَسَدَتْ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْمَسْمُوعِ فَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ مَا يَكُونُ لَهُ حُرُوفٌ كَأُفٍّ تُفٍّ تَفْسُدُ، وَإِلَّا فَلَا تَفْسُدُ، وَبَعْضُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ الْحُرُوفَ إلَّا فِي الْإِفْسَادِ بَعْدَ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ نَفَّرَ طَائِرًا أَوْ دَعَاهُ بِمَا هُوَ مَسْمُوعٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ) أَوْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ: أَيْ مَبْعُوثُ الطَّبْعِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَلَا تَفْسُدُ، وَمِثْلُهُ الْمَرِيضُ إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْهُ لَا تَفْسُدُ كَالْجُشَاءِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute