للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعَظَّمٌ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ رَأْسِهِ فِي السَّقْفِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِحِذَائِهِ تَصَاوِيرُ أَوْ صُورَةٌ مُعَلَّقَةٌ) «لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ: إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ»، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ الصِّغَارَ جِدًّا لَا تُعْبَدُ

وَضْعِهَا عَلَى الْبِسَاطِ الَّذِي لَمْ يُعَدَّ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ فَوْقَ رَأْسِهِ) أَيْ تَكْرَهُ الصَّلَاةُ وَفَوْقَ رَأْسِهِ إلَخْ، فَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ خَلْفَهُ أَوْ تَحْتَ رِجْلَيْهِ فَفِي شَرْحِ عَتَّابٍ لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ.

وَلَكِنْ تُكْرَهُ كَرَاهَةَ جَعْلِ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ لِلْحَدِيثِ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ» وَإِلَّا أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ كَوْنِهَا فِي بِسَاطٍ مَفْرُوشٍ، وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَتْ خَلْفَهُ وَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي الْأَوَّلِ خِلَافُهُ. وَقَوْلُهُ وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي إلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ خَلْفَهُ يَقْتَضِي خِلَافَ الثَّانِي أَيْضًا، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ تَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ التَّشَبُّهِ بِعِبَادَةِ الْوَثَنِ وَلَيْسُوا يَسْتَدْبِرُونَهُ وَلَا يَطَؤُنَهُ فِيهَا فَفِيمَا يُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْهِدَايَةِ نَظَرٌ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي ثُبُوتِهَا فِي الصَّلَاةِ بِاعْتِبَارِ الْمَكَانِ كَمَا كُرِهَتْ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ عَلَى أَحَدِ التَّعْلِيلَيْنِ، وَهُوَ كَوْنُهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ، وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ هُنَا لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْمَلَائِكَةِ مِنْ الدُّخُولِ لِلصُّورَةِ مَعَ تَسَلُّطِ الشَّيَاطِينِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَانِعٍ يُوجِبُ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّهُ ثَبَتَتْ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي خُصُوصِ مَكَان بِاعْتِبَارِ مَعْنًى فِيهِ نَفْسِهِ لَا فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَقُلْ بِالْكَرَاهَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْقَدَمِ وَمَا ذَكَرْت يُفِيدُهُ لِأَنَّهَا فِي الْبَيْتِ.

وَكَذَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «وَاعَدَ رَسُولُ اللَّهِ جِبْرِيلَ فِي سَاعَةٍ يَأْتِيهِ فِيهَا، فَجَاءَتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ وَفِي يَدِهِ عَصًا فَأَلْقَاهَا، وَقَالَ: مَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَا رَسُولُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ مَتَى دَخَلَ هَذَا الْكَلْبُ هَاهُنَا؟ فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا دَرَيْتُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَاعَدْتَنِي فَجَلَسْتُ لَكَ فَلَمْ تَأْتِ فَقَالَ: مَنَعَنِي الْكَلْبُ الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِكَ، إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» انْتَهَى.

وَبِهِ يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ دَلِيلُهُ عَامًّا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ، وَهُوَ يَقُولُ لَا يُكْرَه كَوْنُهَا فِي وِسَادَةٍ مُلْقَاةٍ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ. فَالْجَوَابُ لَا يُكْرَهُ جَعْلُهَا فِي الْمَكَانِ كَذَلِكَ لَتَعَدَّى إلَى الصَّلَاةِ. وَحَدِيثُ جِبْرِيلَ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَعِنْدَ النَّسَائِيّ «اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ اُدْخُلْ، فَقَالَ: كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ، فَإِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاقْطَعْ رُءُوسَهَا أَوْ اقْطَعْهَا وَسَائِدَ أَوْ اجْعَلْهَا بُسُطًا» وَلَمْ يَذْكُرْ النَّسَائِيّ اقْطَعْهَا وَسَائِدَ.

وَفِي الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا اتَّخَذَتْ عَلَى سَهْوَةٍ لَهَا سِتْرًا فِيهِ تَمَاثِيلُ فَهَتَكَهُ النَّبِيُّ ، قَالَتْ فَاِتَّخَذْتُ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ فَكَانَتْ فِي الْبَيْتِ تَجْلِسُ عَلَيْهِمَا» زَادَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ «وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ مُتَّكِئًا عَلَى إحْدَاهُمَا وَفِيهَا صُورَةٌ» (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ) أَيْ عَلَى بُعْدٍ مَا، وَالْكَبِيرَةُ مَا تَبْدُو عَلَى الْبُعْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَا تُعْبَدُ) فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْوَثَنِ فَلَا يُكْرَهُ فِي الْبَيْتِ.

وَنُقِلَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى خَاتَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>