للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ نَدَبْنَا إلَيْهِ

(وَيُكْرَهُ أَنْ يُغْلَقَ بَابُ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خِيفَ عَلَى مَتَاعِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْقَشَ الْمَسْجِدُ بِالْجِصِّ وَالسَّاجِ وَمَاءِ الذَّهَبِ) وَقَوْلُهُ لَا بَأْسَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ، وَقِيلَ هُوَ قُرْبَةٌ

النَّارِ عَلَى مَا رُوِيَ فَكَيْفَ بِالْبَوْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الْمَسْجِدِ) حَتَّى لَا يَصِحَّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ إلَّا لِلنِّسَاءِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ لِكَوْنِهِ مَكَانًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ) وَهُوَ حَرَامٌ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا بَأْسَ إذَا خِيفَ عَلَى مَتَاعِ الْمَسْجِدِ) أَحْسَنُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانِنَا كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَالْمَدَارُ خَشْيَةُ الضَّرَرِ عَلَى الْمَسْجِدِ، فَإِنْ ثَبَتَ فِي زَمَانِنَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ثَبَتَ كَذَلِكَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ أَوْ لَا فَلَا، أَوْ فِي بَعْضِهَا فَفِي بَعْضِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ قُرْبَةٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ لِقَوْلِهِ «إنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تُزَيَّنَ الْمَسَاجِدُ» الْحَدِيثَ، وَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ وَعِنْدَنَا لَا بَأْسَ بِهِ. وَمَحْمَلُ الْكَرَاهَةِ التَّكَلُّفُ بِدَقَائِقِ النُّقُوشِ وَنَحْوِهِ خُصُوصًا فِي الْمِحْرَابِ أَوْ التَّزْيِينُ مَعَ تَرْكِ الصَّلَوَاتِ أَوْ عَدَمُ إعْطَائِهِ حَقَّهُ مِنْ اللَّغَطِ فِيهِ وَالْجُلُوسِ لِحَدِيثِ الدُّنْيَا وَرَفْعِ الْأَصْوَاتِ بِدَلِيلِ آخِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ «وَقُلُوبُهُمْ خَاوِيَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» هَذَا إذَا فَعَلَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَمَّا الْمُتَوَلِّي فَيَفْعَلُ مَا يَرْجِعُ إلَى إحْكَامِ الْبِنَاءِ حَتَّى لَوْ جَعَلَ الْبَيَاضَ فَوْقَ السَّوَادِ لِلنَّقَاءِ ضَمِنَ كَذَا فِي الْغَايَةِ، وَعَلَى هَذَا تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَكَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ يَكْرَهُونَ شَدَّ الْمَصَاحِفِ وَاِتِّخَاذِ الْمَشَدَّةِ لَهَا لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ كَالْغَلْقِ.

وَهَذِهِ فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْمَسْجِدِ لَا شَكَّ أَنَّ الدَّفْعَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْلَى مِنْ تَزْيِينِهِ، وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ، وَلَا يُحْفَرُ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرٌ وَلَوْ كَانَتْ بِئْرًا قَدِيمَةً كَبِئْرِ زَمْزَمَ تُرِكَتْ، وَلَوْ حَفَرَ فَتَلِفَ فِيهِ شَيْءٌ إنْ حَفَرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِإِذْنِهِمْ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ ضَمِنَ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ أَوْ لَا.

وَلَا يَجُوزُ غَرْسُ الْأَشْجَارِ فِيهِ إلَّا إنْ كَانَ ذَا نَزٍّ وَالْأُسْطُوَانَاتُ لَا تَسْتَقِرُّ بِهِ فَيَجُوزُ لِتَشْرَبَ ذَلِكَ الْمَاءَ فَيَحْصُلَ بِهَا النَّفْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>