للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِسُنَّةِ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا أَوَّلُ فِي الْوُجُودِ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ، وَأَوَّلُ صَلَاةٍ فُرِضَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ: يَعْنِي أَوَّلَ صَلَاةٍ صُلِّيَتْ بَعْدَ الِافْتِرَاضِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: رَكْعَتَا الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا، ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّهُ قِيلَ هِيَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ، ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ، وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ كُلُّهَا سَوَاءٌ.

وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ، وَصَحَّحَهُ الْمُحْسِنُ وَقَدْ أَحْسَنَ لِأَنَّ نَقْلَ الْمُوَاظَبَةِ الصَّرِيحَةِ عَلَيْهَا أَقْوَى مِنْ نَقْلِ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَسَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قِيلَ لَا تَلْحَقُهُ الْإِسَاءَةُ لِأَنَّ مُحَمَّدًا سَمَّاهُ تَطَوُّعًا، إلَّا أَنْ يَسْتَخِفَّ فَيَقُولَ هَذَا فِعْلُ النَّبِيِّ وَأَنَا لَا أَفْعَلُهُ فَحِينَئِذٍ يَكْفُرُ.

وَفِي النَّوَازِلِ تَرْكُ سُنَنِ الصَّلَاةِ الْخَمْسِ إنْ لَمْ يَرَهَا حَقًّا كَفَرَ، وَإِنْ رَآهَا وَتَرَكَ قِيلَ لَا يَأْثَمُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَأْثَمُ لِأَنَّهُ جَاءَ الْوَعِيدُ بِالتَّرْكِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِثْمَ مَنُوطٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَقَدْ «قَالَ لِلَّذِي قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا: أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ» نَعَمْ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ الْإِسَاءَةَ وَفَوَاتَ الدَّرَجَاتِ وَالْمَصَالِحِ الْأُخْرَوِيَّةِ الْمَنُوطَةِ بِفِعْلِ سُنَنِ الرَّسُولِ ، هَذَا إذَا تَجَرَّدَ التَّرْكُ عَنْ اسْتِخْفَافٍ بَلْ يَكُونُ مَعَ رُسُوخِ الْأَدَبِ وَالتَّعْظِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ دَارَ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِثْمِ بِحَسَبِ الْحَالِ الْبَاعِثَةِ لَهُ عَلَى التَّرْكِ، ثُمَّ هَلْ الْأَوْلَى وَصْلُ السُّنَّةِ التَّالِيَةِ لِلْفَرْضِ لَهُ أَوْ لَا؟ فِي شَرْحِ الشَّهِيدِ الْقِيَامُ إلَى السُّنَّةِ مُتَّصِلٌ بِالْفَرْضِ مَسْنُونٌ، وَفِي الشَّافِي كَانَ إذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ قَدْرَ مَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَكَذَا عَنْ الْبَقَائِيِّ.

وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالسُّنَّةِ الْأَوْرَادَ. وَيَشْكُلُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ «أَبِي رِمْثَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى مِنْ الصَّلَاةِ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ، ثُمَّ انْتَقَلَ كَانْتِقَالِ أَبِي رِمْثَةَ: يَعْنِي نَفْسَهُ، فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى لِيَشْفَعَ، فَوَثَبَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ فَهَزَّهُ ثُمَّ قَالَ: اجْلِسْ فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بَيْنَ صَلَاتِهِمْ فَصْلٌ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ بَصَرَهُ فَقَالَ: أَصَابَ اللَّهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ». وَلَا يَرُدُّ هَذَا عَلَى الثَّانِي إذْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ إلَخْ فَصْلٌ، فَمَنْ ادَّعَى فَصْلًا أَكْثَرَ مِنْهُ فَلْيَنْقُلْهُ، وَقَوْلُهُمْ الْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ حَتَّى الَّتِي بَعْدَ الْمَغْرِبِ الْمَنْزِلُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَسْنُونِيَّةَ الْفَصْلِ بِأَكْثَرَ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا إذَا صَلَّى السُّنَّةَ فِي مَحَلِّ الْفَرْضِ مَاذَا يَكُونُ الْأَوْلَى، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» وَقَوْلُهُ لِفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ «تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحْمَدُونِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ» وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَيْضًا «لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إلَه إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» لَا يَقْتَضِي وَصْلَ هَذِهِ الْأَذْكَارِ.

بَلْ كَوْنُهَا عَقِيبَ السُّنَّةِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>