للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(السُّنَّةُ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ)

(وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَانِ، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ «مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» وَفَسَّرَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ،

وَالتَّحْمِيدَاتِ وَالتَّكْبِيرَاتِ فَيَنْبَغِي اسْتِنَانُ تَأْخِيرِهِ عَنْ السُّنَّةِ أَلْبَتَّةَ، وَكَذَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ، عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ عَنْهُ مُوَاظَبَةً لَا أَعْلَمُهُ، بَلْ الثَّابِتُ نَدْبُهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ نَدْبِهِ إلَى شَيْءٍ مُوَاظَبَتُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يُفَرَّقْ حِينَئِذٍ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْمَنْدُوبِ، وَكَانَ يُسْتَدَلُّ بِدَلِيلِ النَّدْبِ عَلَى السُّنِّيَّةِ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى أُصُولِنَا.

وَقَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ عِنْدِي أَنَّهُ حُكْمٌ آخَرُ لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ لَا بَأْسَ إلَخْ، وَالْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ كَوْنُهُ لِمَا خِلَافُهُ أَوْلَى فَكَانَ مَعْنَاهَا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَقْرَأَ الْأَوْرَادَ قَبْلَ السُّنَّةِ، وَلَوْ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ فَأَفَادَ عَدَمَ سُقُوطِ السُّنَّةِ بِذَلِكَ حَتَّى إذَا صَلَّى بَعْدَ الْأَوْرَادِ يَقَعُ سُنَّةً مُؤَدَّاةً لَا عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ، وَإِذَا قَالُوا لَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ الْفَرْضِ لَا تَسْقُطُ السُّنَّةُ لَكِنَّ ثَوَابَهَا أَقَلُّ فَلَا أَقَلَّ مِنْ كَوْنِ قِرَاءَةِ الْأَوْرَادِ لَا تُسْقِطُهَا، وَقَدْ قِيلَ فِي الْكَلَامِ أَنَّهُ يُسْقِطُهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، فَفِي الْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي وَإِلَّا اضْطَجَعَ حَتَّى يُؤَذَّنَ بِالصَّلَاةِ» وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي عَنْ الْحَلْوَانِيِّ يُوَافِقُهُ مَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُقْتَدِي وَالْمُنْفَرِدِ، وَذَكَرَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ خِلَافَهُ، وَعِبَارَتُهُ فِي الْخُلَاصَةِ هَكَذَا: إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ الظُّهْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ أَوْ الْعِشَاءِ كَرِهْت لَهُ الْمُكْثَ قَاعِدًا لَكِنَّهُ يَقُومُ إلَى التَّطَوُّعِ، وَلَا يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِ الْفَرِيضَةِ وَلَكِنْ يَنْحَرِفُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً أَوْ يَتَأَخَّرُ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إلَى بَيْتِهِ يَتَطَوَّعُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا، أَوْ يُصَلِّي وَحْدَهُ إنْ لَبِثَ فِي مُصَلَّاهُ يَدْعُو جَازَ.

وَكَذَا إنْ قَامَ إلَى التَّطَوُّعِ فِي مَكَانِهِ أَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَوْ انْحَرَفَ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً جَازَ وَالْكُلُّ سَوَاءٌ، وَفِي الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يَتَطَوَّعُ بَعْدَهَا يُكْرَهُ الْمُكْثُ فِي مَكَانِهِ قَاعِدًا مُسْتَقْبِلًا، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ذَهَبَ وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ فِي مِحْرَابِهِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِحِذَائِهِ مَسْبُوقٌ، فَإِنْ كَانَ يَنْحَرِفُ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً وَالصَّيْفُ وَالشِّتَاءُ سَوَاءٌ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، هَذَا حَالُ الْإِمَامِ.

وَقَوْلُهُ الْكُلُّ سَوَاءٌ: يَعْنِي فِي إقَامَةِ السُّنَّةِ أَمَّا الْأَفْضَلُ فَقَدْ صَرَّحَ فِيمَا يَأْتِي بِأَنَّ الْمَنْزِلَ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ السُّنَّةُ) يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا دَعَا إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ السُّنَّةِ وَالْمَنْدُوبِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ عَدَّ مِنْهَا مَا قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ لَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي اسْتِنَانِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ قَوْلُهُ إلَخْ.

رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عَطَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَنْ ثَابَرَ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ» فَاتَّضَحَ أَنَّ ضَمِيرَ فَسَّرَ الْمَرْفُوعُ لِلنَّبِيِّ .

وَفِي شُذُوذٍ مِنْ النُّسَخِ وَفَسَّرَ النَّبِيُّ ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ تَكَلَّمَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>