(وَالْقِرَاءَةُ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَفِي جَمِيعِ الْوِتْرِ) أَمَّا النَّفَلُ فَلِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ، وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ، وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِالتَّحْرِيمَةِ الْأُولَى إلَّا رَكْعَتَانِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا ﵏، وَلِهَذَا قَالُوا يُسْتَفْتَحُ فِي الثَّالِثَةِ، وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلِلِاحْتِيَاطِ.
وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ قَدْرَهَا، وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ بِالْأُصُولِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمَأْثُورُ لِلتَّسْبِيحِ.
(قَوْلُهُ فَلِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا صَحَّتْ مِنْ تَرْكِ الْقَعْدَةِ سَاهِيًا لَكِنَّهَا تَصِحُّ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَيَجِبُ الْعَوْدُ إلَيْهَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ الْقِيَامِ مَا لَمْ يَسْجُدْ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْقِيَاسَ فَسَادُهَا، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَرِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا لِأَنَّ التَّطَوُّعَ شُرِعَ أَرْبَعًا أَيْضًا كَمَا شُرِعَ رَكْعَتَيْنِ، فَإِذَا تَرَكَهَا أَمْكَنَنَا تَصْحِيحُهَا بِجَعْلِهَا صَلَاةً وَاحِدَةً فَلَا يُفْتَرَضُ حِينَئِذٍ الْقَعْدَةُ الْأُولَى لِأَنَّ افْتِرَاضَ الْقَعْدَةِ لِلْخَتْمِ، فَإِذَا لَمْ يُخْتَمْ إلَّا بَعْدَ الرَّابِعَةِ صَارَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَمْ تُفْتَرَضْ الْأُولَى بَلْ كَانَتْ وَاجِبَةً بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ وَهُوَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَشَهُّدٌ فَتَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْعَوْدُ بَعْدَ تَمَامِ الْقِيَامِ وَلَزِمَتْ الْقِرَاءَةُ فِي الشَّفْعَيْنِ لِشَبَهِهَا بِالظُّهْرِ مِنْ وَجْهٍ وَمُفَارَقَتِهَا لَهُ مِنْ وَجْهٍ، فَلِلشُّبْهَةِ لَا يُؤْمَرُ بِالْعُودِ إذَا قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ وَلِلْمُفَارَقَةِ يَعُودُ قَبْلَ السَّجْدَةِ كَمَا إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ مِنْ الْفَرْضِ وَهِيَ صَلَاةٌ أُخْرَى حُكْمًا فَيَقْرَأُ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي صَلَاتَيْنِ احْتِيَاطًا، وَكَذَلِكَ فِي الْوِتْرِ لِأَنَّ فِيهِ رَوَائِحَ النَّفْلِيَّةِ فَلَزِمَ الِاحْتِيَاطُ فِي الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهَا رُكْنٌ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ لَا كَالْقَعْدَةِ (قَوْلُهُ فِي الْمَشْهُورِ) مِنْ الرِّوَايَةِ هَذَا إذَا نَوَى أَرْبَعًا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشْهُورِ، أَمَّا إذَا شَرَعَ بِمُطْلَقِ نِيَّةِ النَّفْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ قَالُوا يَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ) وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي كُلِّ قَعْدَةٍ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَتَعَوَّذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute