قَالَ (وَمَنْ شَرَعَ فِي نَافِلَةٍ ثُمَّ أَفْسَدَهَا قَضَاهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ وَلَا لُزُومَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ. وَلَنَا أَنَّ الْمُؤَدَّى وَقَعَ قُرْبَةً فَيَلْزَمُ الْإِتْمَامُ ضَرُورَةَ صِيَانَتِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ
(وَإِنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَعَدَ ثُمَّ أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ) لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ، وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَيَكُونُ مُلْزِمًا، هَذَا إذَا أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا، وَلَوْ أَفْسَدَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي
فِي كُلِّ شَفْعٍ، هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ أَثَرُ كَوْنِ كُلِّ شَفْعٍ مُعْتَبَرًا شَرْعًا صَلَاةً عَلَى حِدَةٍ وَهُوَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ، وَيُمْكِنُ كَوْنُهُ يُمْكِنُهُ شَرْعًا مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَإِذْ قَامَ إلَى شَفْعٍ آخَرَ كَانَ بَانِيًا صَلَاةً، عَلَى تَحْرِيمَةِ صَلَاةٍ إذْ تِلْكَ التَّحْرِيمَةُ إنَّمَا لَزِمَ بِهَا رَكْعَتَانِ
(قَوْلُهُ ضَرُورَةَ صِيَانَتِهِ) أَيْ الْمُؤَدَّى يُفِيدُ أَنَّ الْمُلَاحَظَ لُزُومُهُ أَوَّلًا صِيَانَةَ الْمُؤَدَّى الْوَاقِعِ قُرْبَةً عَنْ إبْطَالِهِ لِأَنَّهُ مَوْرِدُ النَّصِّ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ إبْطَالِهَا قَبْلَ إتْمَامِهَا بِالْإِفْسَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِفِعْلِ مَا يُحْبِطُهُ وَنَحْوِهِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْإِتْمَامُ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إنْ لَزِمَ الْإِتْمَامُ هَلْ يَسْتَلْزِمُ شَرْعًا الْقَضَاءُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِهِ لَوْ قَالَ قَائِلٌ الْمُتَحَقَّقُ إنَّمَا هُوَ اسْتِلْزَامُهُ الْإِثْمَ بِتَفْوِيتِ مُقْتَضَى النَّهْيِ، أَمَّا أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فَيَحْتَاجُ إلَى خُصُوصِ دَلِيلٍ؟ فَجَوَابُهُ يُفِيدُهُ الْقِيَاسُ عَلَى حَجِّ النَّفْلِ وَالْعُمْرَةِ لَمَّا لَزِمَا بِالشُّرُوعِ شَرْعًا لَزِمَ قَضَاؤُهُمَا بِتَفْوِيتِهِ، وَتَمَامُ نَصْبِ الدَّلِيلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّوْمِ.
(قَوْلُهُ وَقَعَدَ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْعُدْ وَأَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ وَجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute