للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجْزِيهِ، وَهُوَ قِيَاسٌ لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُعْتَبَرٌ بِالنَّذْرِ. لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ الْقِيَامَ فِيمَا بَقِيَ وَلَمَّا بَاشَرَ صَحَّ بِدُونِهِ، بِخِلَافِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ نَصًّا حَتَّى لَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْقِيَامِ لَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ

ثُمَّ يُكْمِلُ كُلَّ عَمَلِهِ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مُفَضِّلًا وَإِلَّا فَالْمُعَارَضَةُ قَائِمَةٌ لَا تَزُولُ إلَّا بِتَجْوِيزِ النَّافِلَةِ نَائِمًا وَلَا أَعْلَمُهُ فِي فِقْهِنَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ افْتَتَحَهَا قَائِمًا إلَخْ) هُنَا صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا افْتَتَحَهَا قَاعِدًا ثُمَّ قَامَ، وَالْأُخْرَى قَلْبُهُ فَفِي الْأُولَى يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِمَا عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَيَقْرَأُ وِرْدَهُ حَتَّى إذَا بَقِيَ عَشْرُ آيَاتٍ وَنَحْوُهَا قَامَ» الْحَدِيثَ، وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَمُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ أَنَّ التَّحْرِيمَةَ الْمُنْعَقِدَةَ لِلْقُعُودِ لَا تَكُونُ مُنْعَقِدَةً لِلْقِيَامِ حَتَّى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَسَدَتْ عِنْدَهُ فَلَا يُتِمُّهَا قَائِمًا لَمْ يُخَالِفْ فِي الْجَوَازِ هُنَا لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْمُتَطَوِّعِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقُعُودِ أَلْبَتَّةَ بَلْ لِلْقِيَامِ لِأَنَّهُ أَصْلٌ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ ثُمَّ جَازَ لَهُ شَرْعًا تَرْكُهُ، بِخِلَافِ الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ فَمَا انْعَقَدَتْ إلَّا لِلْمَقْدُورِ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ.

ثَانِيَتُهُمَا: افْتَتَحَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ يَجُوزُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، كَمَا يُنَادَى بِهِ هَذَا الْإِطْلَاقِ وَجْهُ قَوْلِهِمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّ الشُّرُوعَ مُعْتَبَرٌ بِالنَّذْرِ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا لَمْ يُجْزِهِ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>