مَا رَوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا تُقْضَى تَبَعًا لَهُ، وَهُوَ يُصَلِّي بِالْجَمَاعَةِ أَوْ وَحْدَهُ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ ﵏. وَأَمَّا سَائِرُ السُّنَنِ سِوَاهَا فَلَا تُقْضَى بَعْدَ الْوَقْتِ وَحْدَهُ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ
(وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ) لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ الشَّيْءِ فَقَدْ أَدْرَكَهُ فَصَارَ مُحْرِزًا ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا بِالْجَمَاعَةِ حَقِيقَةً
ابْتِدَاءً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ ﷺ، فَإِذَا تَعَذَّرَ لَمْ يَبْقَ طَالِبُهَا إذْ الذِّمَّةُ لَمْ تَكُنْ مَشْغُولَةً بِهِ، وَمَا طَلَبَهَا إلَّا سُنَّةً وَهُوَ بِكَوْنِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ ﷺ، فَإِذَا أَتَى بِشَيْءٍ يَكُونُ طَالِبُهُ السَّبَبَ الطَّالِبَ لِلنَّفْلِ عَلَى الْعُمُومِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرُ مَوْضُوعٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُمُومَاتِ النَّادِبَةِ لِتَكْثِيرِ الصَّلَاةِ مَا أَمْكَنَ فَيَثْبُتُ بِهَذَا اخْتِصَاصُ الْوَاجِبِ بِالْقَضَاءِ عِنْدَ فَوْتِ الْأَدَاءِ فَلَا يَجْرِي الْقَضَاءُ فِي غَيْرِهَا إلَّا بِسَمْعِيٍّ، وَهُوَ إنَّمَا دَلَّ عَلَى قَضَاءِ سُنَّةِ الْفَجْرِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ فِي غَدَاةِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ، وَقَدَّمْنَا تَخْرِيجَهُ. وَأَلْفَاظَهُ وَبِهِ نَقُولُ، وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ وَلِذَا نَقُولُ: لَا تُقْضَى سُنَّةُ الظُّهْرِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَتَبْقَى فِيمَا وَرَاءَهُ عَلَى الْعَدَمِ، وَمُقْتَضَى هَذَا تَرَجُّحُ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ إذَا فَاتَ لَا تُقْضَى سُنَّتُهُ مَعَهُ، وَحِينَئِذٍ فَتَعْرِيفُ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهِهِ يَشْمَلُ فِعْلَ النَّوَافِلِ أَنْ يُقَالَ هُوَ تَسْلِيمُ عَيْنِ مَا طُلِبَ شَرْعًا فَيَشْمَلُ فِعْلَ النَّوَافِلِ وَالسُّنَنِ فِي أَوْقَاتِهَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تُوصَفَ بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ، وَالْقَضَاءُ فِعْلُ مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُقْضَى) أَيْ سُنَّةُ الْفَجْرِ تَبَعًا لَهُ: أَيْ الْفَجْرِ: أَيْ صَلَاةُ الصُّبْحِ إذَا كَانَتْ مَعَهَا وَهُوَ يُصَلِّي: أَيْ يَقْضِي صَلَاةَ الصُّبْحِ بِجَمَاعَةٍ أَوْ وَحْدَهُ عَلَى الْخِلَافِ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ فَلَوْ لَمْ يَقْضِهَا حَتَّى زَالَتْ الشَّمْسُ فَفِي قَضَائِهَا اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَقِيلَ لَا تُقْضَى وَإِنْ كَانَتْ تَبَعًا لِلْفَرْضِ لِأَنَّهُ ﷺ إنَّمَا قَضَاهَا تَبَعًا لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَقِيلَ يَقْضِيهَا بَعْدَ الزَّوَالِ تَبَعًا كَقَبْلِهِ.
وَأَمَّا سَائِرُ السُّنَنِ سِوَاهَا: أَيْ سِوَى سُنَّةِ الْفَجْرِ فَلَا تُقْضَى بَعْدَ الْوَقْتِ إذَا كَانَتْ وَحْدَهَا. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ: قِيلَ لَا تُقْضَى، وَقِيلَ تُقْضَى بِنَاءً عَلَى جَعْلِ الْوَارِدِ فِي قَضَاءِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَأَرَادَ فِي غَيْرِهِ مِنْ السُّنَنِ الْفَائِتَةِ مَعَ فَرَائِضِهَا إلْغَاءً لِخُصُوصِ الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فِي جَمَاعَةٍ اتِّفَاقًا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَدْ أَدْرَكَ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) وَأَحْرَزَ ثَوَابَهَا وِفَاقًا لِصَاحِبَيْهِ، لَا كَمَا ظَنَّ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُحْرِزْ فَضْلَهَا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute