للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ عَلَى سِتِّ صَلَوَاتٍ) لِأَنَّ الْفَوَائِتَ قَدْ كَثُرَتْ (فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ) نَفْسِهَا كَمَا سَقَطَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَقْتِيَّةِ، وَحْدُ الْكَثْرَةِ أَنْ تَصِيرَ الْفَوَائِتُ سِتًّا لِخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَذْكُورِ

أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ. وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّهُ شُغِلَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ. ثُمَّ قَالَ: مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ غَيْرُكُمْ» وَفِيهِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ مُضَعَّفٌ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَغِيبَ، فَقَالَ : فَوَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا، فَنَزَلْنَا إلَى بَطْحَانَ فَتَوَضَّأَ وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ» وَلَا يُعَارِضُهُ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَا مَا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ، فَقَالَ : شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، أَوْ حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» اهـ.

لِوُجُوبِ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى إرَادَةِ بَيْنَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَهُوَ أَحَدُ مُحْتَمَلَيْهِ لِصِحَّةِ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَالْمُفَادُ بِالثَّانِي أَنَّ الْحَبْسَ تَحَقَّقَ إلَى وَقْتِ الِاحْمِرَارِ فَوَقَعَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ إذْ ذَاكَ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّاهَا إذْ ذَاكَ، وَقَدْ تَظَافَرَتْ رِوَايَةُ الصَّحِيحَيْنِ مَعَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَكَذَا لَا يُعَارِضُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ الْأَحَادِيثَ السَّابِقَةَ مِنْ أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَذَهَابِ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْهُ لِلتَّصَادُقِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ تَخْصِيصِ قَوْلِهِ " فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ " أَنَّهُ قَبْلَ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَإِلَّا لَقَالَ بَعْدَمَا دَخَلَ وَقْتُ الْعِشَاءِ، لَكِنْ يَجِبُ الْحَمْلُ عَلَى مُجَرَّدِ مَا يَصْدُقُ بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ أَيْضًا صَحَّتْ بِكَثْرَةِ الطُّرُقِ وَبَعْضُهَا فِي حَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْفَوَائِتِ سَبْعًا لِأَنَّ مَا بِهِ الزِّيَادَةُ لَا يُوجِبُ اللَّفْظُ كَوْنَهُ فَائِتًا بَلْ إذَا انْضَمَّ إلَى الْفَوَائِتِ الْمُعَيَّنَةِ صَلَاةٌ صَدَقَ أَنَّ الْمُسَمَّى بِالْفَوَائِتِ زَادَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَائِتَةً، هَذَا غَايَةُ مَا يُؤَدِّيهِ اللَّفْظُ وَإِلَّا اسْتَلْزَمَ كَوْنَ الْفَوَائِتِ سَبْعًا (قَوْلُهُ وَحَدُّ الْكَثْرَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ: الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ سِتًّا مُذْ فَاتَتْهُ الْفَائِتَةُ وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>