للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَوَائِتِ، وَقِيلَ لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ

هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقِيًّا، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ. فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مَقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِصِحَّةِ الْخَمْسِ يَقْطَعُ ثُبُوتَ الصِّحَّةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَدَّاهَا أَوْ لَا، وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بِالْخَطَإِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ خِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي الثَّلَاثِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُوَ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، أَوْ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الثِّنْتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا نُحَقِّقُهُ بِذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ بِشُعَبِهَا، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ إذْ قَدْ صِرْنَا إلَيْهَا إحْرَازًا لِفَائِدَتِهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِيهَا إلْحَاقُ نَاسِي التَّرْتِيبِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْفَائِتَتَيْنِ بِنَاسِي الْفَائِتَةِ فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِهِ، وَهُوَ أَلْحَقَهُ بِنَاسِي التَّعْيِينِ وَهُوَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَا هِيَ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِجَامِعِ تَحَقُّقِ طَرِيقٍ يَخْرُجُ بِهَا عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ سُلُوكُهَا. وَهَذَا الْوَجْهُ يُصَرِّحُ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ عِنْدَهُ فَيَجِبُ الطَّرِيقُ الَّتِي يُعَيِّنُهَا لَا كَمَا قِيلَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ. ثُمَّ صُورَةُ قَضَاءِ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ، فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَوَّلًا هُوَ الظُّهْرُ فَالظُّهْرُ الْأَخِيرَةُ تَقَعُ نَفْلًا. وَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَصْرُ فَالظُّهْرُ الْأُولَى تَقَعُ نَفْلًا.

وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالظُّهْرِ يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَصْرِ فَيُصَلِّيَ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ. وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ ثَلَاثًا ظُهْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَعَصْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَمَغْرِبٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَا يَدْرِي تَرْتِيبَهَا وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ سَبْعَ صَلَوَاتٍ. لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ يَحْتَمِلُ كَوْنُهَا أُولَى أَوْ أَخِيرَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً تَجِيءُ تِسْعًا الثَّابِتُ فِي الْخَارِجِ سِتٌّ لِلتَّدَاخُلِ لِأَنَّ تَوَسُّطَ الظُّهْرِ يَصْدُقُ فِي الْخَارِجِ، أَمَّا مَعَ تَقَدُّمِ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَلَا يَكُونُ كُلٌّ قُسِمَا بِرَأْسِهِ وَكَذَا هُمَا فَخَرَجَ بِوَاسِطَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَبْقَى الثَّابِتُ الظُّهْرُ ثُمَّ الْعَصْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ أَوْ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ ثُمَّ الْعَصْرُ فَهَذَانِ قِسْمَا تَقَدُّمِ الظُّهْرِ وَلِتَقَدُّمِ الْعَصْرِ مِثْلُهُمَا وَلِلْمَغْرِبِ كَذَلِكَ، فَإِنْ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ مَعَ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ يُصَلِّي تِلْكَ السَّبْعَ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّابِعَةَ وَهِيَ الْعِشَاءُ فَصَارَتْ ثَمَانِيَةً، ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ السَّبْعَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَلَوْ كَانَتْ خَمْسًا مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ بِأَنْ تَرَكَ الْفَجْرَ أَيْضًا يُصَلِّي إحْدَى وَثَلَاثِينَ صَلَاةً تِلْكَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِ ثُمَّ يُصَلِّي الْخَامِسَةَ: أَعْنِي الْفَجْرَ ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ، فَالضَّابِطُ أَنَّ الْمَتْرُوكَةَ إنْ كَانَتَا ثِنْتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا ثُمَّ يُعِيدُ أُولَاهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا صَلَّى تِلْكَ الثَّلَاثَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ الثَّلَاثَ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا صَلَّى قَضَاءَ الثَّلَاثِ كَمَا قُلْنَا ثُمَّ الرَّابِعَةَ، ثُمَّ أَعَادَ مَا يَلْزَمُهُ فِي قَضَاءِ الثَّلَاثِ.

وَإِنْ كَانَتْ خَامِسَةً فَعَلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي الْخَامِسَةَ ثُمَّ يَفْعَلُ مَا يَلْزَمُهُ فِي أَرْبَعٍ. وَإِنَّمَا أَطْنَبْنَا لِكَثْرَةِ سُؤَالِ السُّؤَالِ عَنْهُ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ تَخْفِيفًا عَلَى النَّاسِ لِكَسَلِهِمْ. وَإِلَّا فَدَلِيلُهُمَا لَا يَتَرَجَّحُ عَلَى دَلِيلِهِ.

وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا وَرَاءَ الصَّلَاتَيْنِ، فَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الْأُولَى فِي قَوْلِ الْكُلِّ. قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ إعَادَةَ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتِ الْوَقْتِيَّةِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ مُسْتَقِيمٌ، أَمَّا إيجَابُ سَبْعِ صَلَوَاتٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>